الدكتورة منال حسنة تكتب: الإنبهار بالغرب كالجهل بأصل قهوة لواك
تعتبر قهوة (كوبي لواك) من أحد أهم أصناف القهوة المتميزة في شتى أنحاء العالم، وهي الأغلى ثمناً، حيث يبلغ سعر الرطل الواحد منها حوالي 600 دولار أمريكي، وسعر الفنجان الواحد قد يتجاوز 50 دولار أمريكي، لذلك هي قهوة مميزة، ومتوفرة فقط لمن يمتلك ثمنها، فتجد من يعرف ثمنها ينبهر بلا قيد، ولا شرط، حتى ولو لم يتذوقها من قبل.
إنه الانبهار بالشكل، والمظهر، والقيمة المادية.
وعلى سبيل الإنبهار، نحن كبشر نجد أننا ننبهر ليس بقهوة كوبي لواك، وتكلفتها فقط إنما ننبهر أيضاً بأشخاص، وأعمال كثيرة لمجرد تسليط الضوء عليهم من قبل الإعلام، دون أن يكون لنا تجربة أي شخصية مع هؤلاء الأشخاص، وإن وجدت هذه التجربة ستتغير وجهة نظرنا اتجاههم، وسيتلاشى هذا الإعجاب إن لم يكونوا كما توقعناهم، وهذا لا ينبطق فقط على الأشخاص إنما على المجتمعات أيضاً مثل افتتان الشرق بالغرب لعقود طويلة، ولكن إن أردنا أن نقيم هذا الإنبهار يجب أن نحلل، ونعرف سببه، ونختبره.
فالإنبهار بالغير، والمجتمع يحدث عندما نشعر بإعجاب شديد بما نراه من إنجازات، وخصائص، وتطور في المجتمعات، وقواعد إنسانية رنانة تقتحم العقول بمنطقيتها مثلما قدمها الغرب على طبق من التقدم، والتطور، والإزدهار.
أما إذا أردنا معرفة إن كان الإنبهار بالغرب يستحق كل هذه التبعية، يجب علينا العودة إلى القاعدة الذهبية، وهي الإختبار، وهو الذي حدث فعلا بعد السابع من اكتوبر حيث سقط قناع الديمقراطية، وحقوق الإنسان، وحرية التعبير، وحقوق المرأة، والطفل، والمساواة بين البشر والكثير الكثير من الحقوق التي كان يدعمها الغرب، وتجلى بثوب ازدواجية المعايير فعرفنا أن الغرب ليس نموذجاً يقتدى به إنسانياً.
لذلك يجب أن نتعامل مع الانبهار بحذر وتوازن، حيث يمكن لهذا الإعجاب المفرط أن يكون مصدر إلهام وتعلم، أو يكون تبعية عمياء.
أما عن وجه الشبه بين الإنبهار بالقهوة، والإنبهار بالغرب فهو البحث في أصل كل شيء، واختباره كما ذكرت آنفاً.
فعندما ذكرت هذا النوع من القهوة بالذات، ذلك لأنه لا يشبه أي نوع آخر من القهوة، حيث تصنع من فضلات حيوان لواك الذي يعيش في شرق آسيا، ويقتات على البن ويعرف بالعربية باسم حيوان الزباد.
النتيجة أنها قهوة راقية غالية الثمن، ولكن أصلها لا يشجع الإنسان السوي على تناولها بعد معرفة أصلها، فبعد الإختبار يظهر لنا مدى الإنبهار الزائف.
لذلك معرفة حقيقة الشيء هي الأصل في التبني، أو التخلي، وعندها يصبح لكل إنسان الحق في أن يتبع مجتمعات أعجبته، وأن يشرب القهوة التي يريد، فالمرء حيث يضع نفسه.