سلايدرمقالات الرأى

الدكتورة منال حسنة تكتب لن تصبح ملكاً

لن تصبح ملكا..

في عالم يتجه نحو الشهرة السريعة، أصبح البعض يظن أن النجاح هو في عدد المتابعين، وفي كمية الأموال التي تُجنى دون التدقيق في مصدرها، وفي الشهرة التي تأتي بين ليلة وضحاها من خلال إتباع طرقًا غير أخلاقية لتحقيق هذه الغاية.

وأصبح كسب المتابعين من خلال الاستغلال، أو تقديم محتوى سطحي، في عصر وسائل التواصل الاجتماعي أمراً يسمى بالذكاء، ومن هنا بدأت تتزاحم الألقاب الملوكية، أذكر على سبيل المثال ملك الترند و ملك اللعبة ، و ملك… إلخ.
فهل يجوز أن يصبح الجميع ملوكاً؟
دعوني أجيب على هذا السؤال بأسلوب ابن المقفع، وأسأل هل يمكن أن يصبح الماعز ملكاً إن جعلناه يعيش في قصر؟
وكيف سيكون حال القصر بعد تعيين الماعز ملكاً؟

سيتحول القصر بديهياُ إلى زريبة.
وهكذا إذا حاول الإنسان أن يكون شيئًا ليس هو، أو أن يعيش حياة تتعارض مع قيمه، وواقعه فسوف يفقد احترامه لنفسه، مهما بلغت أملاكه، أو مستواه الاجتماعي، وسيكون هناك اختلال بين الواقع، والمواقع.

هذا النجاح الإفتراضي لن يدوم لفترة طويلة لأن الشهرة المزيفة ستتلاشى، والقيم الحقيقية ستبقى، والدليل على ذلك أن من كان ملك الترند البارحة أسقط بفضيحة أخلاقية من هنا أو هناك.

لذلك الحقيقة المؤكدة أن تلك الألقاب تكون مقبولة عندما تأتي من كونك “سيد نفسك”، لأن كل منا يمتلك القدرة على التحكم في مصيره وأخلاقه، والإرتقاء بنفسه إلى أعلى المراتب من خلال الانضباط الذاتي والقيم النبيلة.

فالإنسان العادي، مهما كانت ظروفه، يمكن أن يكون سيد بأخلاقه وأفعاله لأن التميز لا يأتي من المظاهر الخارجية أو الألقاب، بل من القدرة على التحكم في النفس وتحقيق التوازن الداخلي، وهذا سيمكنه بأن يكون قائداً في عالمه الخاص، ويصبح قدوة للآخرين بمجرد التزامه بالقيم الصحيحة والتعامل النبيل.

و هنا نجد استثمار الوقت والجهد في تطوير النفس و تعزيز الأخلاق، وفي بناء شخصية تجعل الإنسان يخرج من جلباب العادات السيئة، ويصبح سيد نفسه، وليس ملكا، لأن الطريق إلى العظمة يبدأ من الداخل، عندما نتخذ الأخلاق كدليل لنا ونبني لأنفسنا سمعة نستحقها.
النجاح الحقيقي لا يقاس بعدد المتابعين، بل بتأثيرنا الإيجابي على من حولنا، وبتقديرنا لأنفسنا وقيمتنا الإنسانية،

لذلك أن تكون سيد نفسك في الواقع أهم من أن تكون على احد المواقع ملكا افتراضياً… لذلك استيقظ من وهمك لن تصبح ملكاً.
د.منال حسنة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى