مقالات الرأى

الدكتورة منال حسنة تكتب ( هل نتقن اللعب النظيف؟)

اذا أردنا أن نجيب على هذا السؤال دعوني أعطيكم نبذة عن اللعب النظيف الذي هو من المبادئ الأساسية التي يجب أن تحكم كل نشاط رياضي،
من خلال احترام القوانين، واللوائح، والمنافسين، والحكام.
حيث يتطلب من الرياضيين أن يتحلوا بالنزاهة، والصدق في جميع جوانب المنافسة، ويتجاوز اللعب النظيف مجرد الالتزام بالقواعد فهو سبب لتعزيز كل من
1. احترام الآخرين.
2. تحقيق روح المنافسة التي تسهم في تعزيز الرغبة في الفوز من خلال الجهد والموهبة، وليس عن طريق الغش أو التحايل.
3. تطوير القيم الأخلاقية التي تساعد على تكوين شخصية الرياضي، من خلال تعلم الالتزام، والعدالة، وروح الفريق.

والتجربة المثلى لهذا المفهوم هي تجربة
لاعب الجودو المصري محمد رشوان في أولمبياد لوس أنجلوس عام 1984، الذي فاز في المباريات التمهيدية، وتأهل إلى النهائيات، وهذا كان يعني أن مصر ستأخذ ميدالية أوليمبية لأول مرة في تاريخها، إما ذهبية أو فضية، وكان خصمه ياباني ياسوهيرو ياماشيتا.
حيث تعرض هذا الاخير للإصابة بقدمه في نهائي الأولمبياد، لكن رشوان لم يستغل إصابته ويضربه على قدمه المصابة بالرغم من أن مدرب محمد طلب منه ذلك، وهو ما أثناه عن الفوز بالميدالية الذهبية.
وعندما سألته الصحافة عن عدم تنفيذ تعليمات مدربه.
رد رشوان بأن البطل الياباني كان مصابًا بقطع فى الرباط الداخلي للركبة اليسرى، وأن أي ركلة قوية فيها يمكن أن تدمرها تماماً.
وعندما سألوه كيف استطاع إضاعة فرصة عظيمة كهذه، رد محمد رشوان أن دينه ومعتقداته تمنعه من أن يضرب مصاباً، و يهدد حياته، ومصيره من أجل ميدالية!
وكانت النتيجة أن محمدرشوان حصد الميدالية الفضية في هذا السباق، وحصل أيضاً على جائزة اللعب النظيف، وجائزة أفضل خلق رياضي من اللجنة الأولمبية الدولية.
اخلاق محمد رشوان منعته من أن يقوم بحركات مؤذية لمنافسه بالرغم من أنها مشروعة قانوناً، وبالرغم من أنها كانت كفيلة لكسب الميدالية، لكن ضميره لم يشرعها له على حساب ضرر الآخر حيث يمكن أن يُفقد منافسه مستقبله الرياضي، أو أنه كان سيجعله من أصحاب الإحتياجات الخاصة.

لنعود الأن للسؤال المطروح، بعيدا عن الرياضة.
(هل نتقن اللعب النظيف في حياتنا؟)

أي التعامل مع الآخرين بإنصاف وشفافية، بما في ذلك العمل، والدراسة، والعلاقات الاجتماعية، والإنسانية، والسياسية، والثقافية، والإقتصادية.

لا يمكن أن نصل للإجابة على هذا السؤال إلا بعد طرح أسئلة أخرى و هي:

● هل يمكننا أن نبعد الضرر بالرغم من أننا سنخسر منصب؟
● هل يمكننا مناصرة المظلوم، ونواجه الدنيا بأكملها لحماية حقوق الإنسان التي تُنتهك يومياً أمام أعيننا؟
● هل يمكن مقاطعة من يؤذي الإنسانية، أو نتوقف عن دعمه؟ أم أن مصلحتنا الشخصية هي الأقوى؟
● هل يمكن قول كلمة حق بوجه سلطان جائر؟
● هل يمكن أن نتقبل من يعاني إعاقة جسدية، ونتعامل معه كإنسان له كيان، وتفكير خاص، دون إدراج الشفقة في طريقة التعامل؟
● هل يمكننا أن نسيطر على كلامنا خوفاً من أن يسبب ضرراً نفسياً للآخر؟

● هل يمكننا أن نتقن اللعب النظيف في الحياة؟ وإن لم نتقن اللعب النظيف مثل محمد رشوان ماذا نتقن إذاً ؟

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى