أحمد صبري شلبي يكتب: لا تقصص رؤياك على إخوتك
أحمد صبري شلبي يكتب: لا تقصص رؤياك على إخوتك
بسم الله الرحمن الرحيم
قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
لماذا حرص نبي الله يعقوب على تحذير ابنه الصغير آنذاك يوسف بعدم الإفصاح عن رؤيته التي رأى فيها سجود الشمس والقمر والأحد عشر كوكبا له، وما تلك الإشارة الربانية التي لفتت انتباه الأب ذو الخبرة والنبي ذو الحكمة داخل تلك الرؤية، وما تلك الدروس المستفادة والعبر من ذلك الموقف الأبوي المذكور بأحسن القصص.
كلمات قليلة وردت بمستهل سورة يوسف (لا تقصص رؤياك على اخوتك) رسمت لنا مشهد قرآني بديع وحملت داخلها العديد من الدروس والمبادئ في العلاقة الأبوية بين الأب (سيدنا يعقوب عليه السلام) وبين الابن (سيدنا يوسف عليه السلام).
كلمات قليلة وردت بأحسن القصص بنت لنا أسس العلاقات الاجتماعية في التعامل مع الحياة ومع المواقف التي نمر بها.
بعد (التدبر والتفكر) في تلك الآية الجليلة بسورة يوسف يمكننا استخلاص العديد من العبر والدروس المستفادة على النحو التالي:
أولا: احترام أفكار الأبناء
في بداية الحديث بين يعقوب (الأب) ويوسف (الابن) اظهر الأب اهتمام بالغ بكلام وأفكار ابنه الصغير، منحه السمع وأعطاه الوقت في التحدث، استمع وانصت له وتعامل مع مشاعر ابنه الصغير باحترام ولم يقل له أنك مازلت صغيرا وأجابه بتلك الإجابات المغلفة الجاهزة التي تنهي الحوار لينتهي من (زن) ابنه الصغير.
تلك أولى قواعد التربية الحديثة بأن نمنح من نربيهم الاحترام الكامل لأفكارهم ولا نفاجئ بأن أبناءنا كبروا وبدأت أفكارهم تنضج وعقولهم تستفهم، فيجب على من يقوم بدور المربي (أب، معلم، قائد.. الخ) بأن يتبع نهج سيدنا يعقوب في الاستماع والانصات ثم الإجابة التي (تحترم) العقل.
ويتضح ذلك جليا بعد تطور وسائل الاتصال ومدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي بحياتنا التي (كبَّرت) أبناءنا أسرع مما نتوقعه عكس ما تربيتنا عليه، فلا يصح أن نجيب على أسئلة أبناءنا بنفس الإجابات التي كنا نتلاقها ونحن صغار نظرا لاختلاف وتطور الحياة مما يلزمنا بتطور طريقة ومحتوى الإجابات.
ثانيا: الاستعانة بالسر والكتمان في قضاء الحوائج
منحت لنا تلك الآية واحدة من أعظم محصنات الحياة وهي الاحتفاظ بأسرارنا ومخططاتنا وعدم البوح والحديث بها مع كل شخص، فنحن لا نعلم من يحمل لنا الخير من غيره، ولا نعلم أثر نوايا البشر في بعد الإطلاع على خصوصياتنا.
يتضح ذلك جليا بشكل يومي في منصات التواصل الاجتماعي (السوشيال ميديا)، فنجد الكثير يطلعوا الجميع على حياتهم وأسرارهم وممتلكاتهم وكل النعم التي أحاطت بهم، وفي اليوم التالي نجدهم يشتكون ويتذمرون ممن يحملون لهم الحقد والضغينة (الناس اللى مركزة في حياتنا) ويتناسون أنهم هم من منحوهم تلك الفرصة (الحسد) مسبقا من خلال نشر كل المواقف والصور التي تخص حياتهم بمحض إرادتهم، نار الحسد إن لم تجد ما تأكله فسوف تنطفئ.
ثالثا: التخطيط الجيد للمستقبل والأخذ بالأسباب
أول من يعلمون أن الأمر بيد الله هم أنبياء الله ورسله، لكن تلك العقيدة لم تمنع سيدنا يعقوب عليه السلام من الأخذ بالأسباب، فلقد منح ولده يوسف ومنحنا النصيحة المستقبلية بأن نحتاط ونفكر وندبر ونخطط لحياتنا، فلم يقل أن الله سوف يحمي كيد ولده من حقد إخوته وشرح لنا الفارق الهائل بين التوكل على الله والتواكل.
رابعا: العبرة ليست بالعدد
عد بالذاكرة لهارون أخو موسى عليهما السلام عندما وعده الله بأنه سوف يشد عضده بأخيه وأنه سوف يكون السند والدعم له، قارن ذلك الموقف من الأخ الواحد بموقف الأحد عشر أخ ليوسف وهم يكيدون له ويدبرون ويخططون للتخلص منه.
تلك المقارنة يمكن تعميمها على كافة العلاقات الاجتماعية وليست مقتصرة على علاقة الأخوة فقط، فالعبرة هنا بـ (الكيـف لا الكـم)، أي لا تغتر بكثرة المحيطين بك، فربما صديق أو اثنان يغنوك عن الكل، وربما موظف واحد يعمل معك يقوم بمهام إدارة كاملة وإدارة كاملة تقوم بمهام موظف واحد، وربما كلمة واحدة صحيحة تغنيك عن عدة منشورات أو كتب أو مقالات، ضع الكم والعدد جانبا واهتم دائما بالكيف والجودة فهي معيار النجاح.
خامسا: شروط تفسير الأحلام
تفسير الأحلام ليست بالأمر الهين وتفسيرها التفسير الصحيح أمر بالغ الأهمية، والدليل على ذلك أن سورة يوسف افتتحت بحلم يوسف وانتهت بتفسيره.
دليل آخر أن الله منح الخير لمصر وللعالم من خلال حلم الملك الذي رأى به السبع بقرات يأكلن السنبلات بعدما فسر له سيدنا يوسف عليه السلام التفسير (العلمي والشرعي) الصحيح، مما جنب الأرض من مجاعة لا يعلم مداها إلا الله، وينبغي هنا تقديم بعض النصائح قبل تفسير أحلامك:
– لا تطلب تفسير أحلامك إلا من ذوي الثقات أصحاب المكانة العلمية التي تؤهلهم لذلك الأمر.
– أشكر الله على حلمك الجيد.
– استعذ بالله من الشيطان الرجيم على حلمك المخيف ولا تبلغ به أحدا.
– كن متيقنا أن الرؤى الصالحة والأحلام المحققة أحد أجزاء النبوة.
– لا تعتمد على محركات البحث في تفسير حلمك فهي مجرد قوالب ثابتة لا تراعي الحالة النفسية وظروف المكان والزمان المحيطة بك.
– إن كنت ترى في أحلامك مواقف أو أحداث تمر بها وتفكر فيها فهي مجرد حديث نفس.
– علم تفسير الأحلام هو أحد فروع علم النفس وليست علم شرعي فقط.
– إن كنت قد قررت أن تتصدى لتفسير الأحلام ينبغي عليك احترام أسرار صاحب الحلم.
– إن وجدت خيرا بالحلم أبلغ به صاحب الحلم، وإن وجدت شرا بالحلم لا تبلغه به وحذره منه فقط دون إخافته.
– يجب فهم الحالة النفسية لصاحب الحلم والظروف المحيطة به، فذلك مفتاح التفسير الصحيح.
– اعلم أن الهدف الأول والأخير من تفسير الأحلام هو تقديم النصيحة بالحلم.
أحمد صبري شلبي يكتب: لا تقصص رؤياك على إخوتك
لمتابعة موقع نساعد :
اقرأ أيضًا:
أحمد صبري شلبي .. أنا مش عمو وأنا مش طنط