مقالات الرأى

رضا عبد السلام يكتب .. أنا إنسان

إنسان .. هذه الكلمة التي تعبرعن هذا الكائن المكرم، الذي فضله الله على جميع المخلوقات نفسا وروحا وعقلا وقلبا وإرادة واختيارا، هذه الكلمة التي تعبر عن مجموعة من الحقوق التي يجب أن يطالب بها وأن يحصل عليها من توافرت فيه صفة الإنسانية.

أنا إنسان

هذا الشعار الذي يجب أن يكون حقيقا وحده بالاحترام والتقدير والرفعة والرقي دون النظر إلي أي من العوارض أو الأسباب التي تنال منه أو تحط من قدره لأننا حينئذ نكون قد نسينا إنسانيتنا أو تجاهلنا كوننا بشرا مكرمين  ومن أهم حقوق هذا الإنسان حق الحياة الكريمة التي تضمن له احتراما وتقديرا لإنسانيته وحق التعليم وحق الرعاية وحق العمل وحق المساواة مع بقية البشر دون نظر إلي الفروق في الجسم أو الشكل أو في الرتبة الاجتماعية  من الفقر أو الغني وحق الوصول إلي أعلي الدرجات بجهده وعمله بصرف النظر عن شكله ولونه ودينه ومركزه وأصله وهذه الحقوق التي أقرها القرآن في آية واحدة جمع فيها كل هذه الحقوق

” ولقد كرمنا بني آدم … ”

وهذا التكريم نجد له خطبا علي المنابر وفي وسائل الإعلام لكن الحقيقة أننا لا نطبقه  ولا نعمل به، أو لنقل وهي الحقيقة أننا متخلفون في تطبيق هذا التكريم ويجب أن نعترف أننا نجد له صورا واقعية في البلاد المتحضرة التي تحترم الإنسان لكونه إنسانا ومن ثم تحترم هذه الحقوق ولا تفرق بين مواطنيها لأي سبب من الأسباب فالمجتهد المثابر الذي يستحق أن يتقدم والذي قدم أوراق اعتماده ناجحا متميزا يحتل المناصب العليا ولو كان من أدني الدرجات الاجتماعية ولو كان ممن فقد عضوا من أعضائه أو حاسة من حواسه من ذوي الإعاقة ويصبح علما من الأعلام في مجاله ولا مكان لمن لا يعتمد علي نفسه لا مجال لمال أو لحسب أو لمنصب أو لجاه أو لرافعة من الروافع المهينة للإنسانية والإنسان ولأن قضيتي هي هذه الفئة التي شاء الله أن أكون واحدا منها ممن يطلق عليهم ذوي الإعاقة ذاق مرارة الأيام التي حاول فيها البعض أن يتجنى علي الإنسانية في شخصه ويحول بينه وبين تحقيق ذاته والحصول علي حقه في الحياة وهذه هي النظرة التي نكافح من أجل تغييرها هذه النظرة الدونية صحيح أنها تغلف بمسكنة أو بمسحة عطف أحيانا وبكلام مزخرف ووعود براقة أحيانا أخري ولا مانع أيضا من بعض الدموع الساخنة وهذا مقدر إذا كانت الحقوق تؤدي لكن للأسف هذه الفئة تعامل بجفاء إنساني في الحقيقة لأنها لا تحصل علي حقوقها أو بالأحرى  من أراد أن ينجح منهم ويصبح ذا قيمة في المجتمع لابد أن يمر علي حقول الأشواك البشرية والصور النمطية التي لا تنظر إلا للعجز في في التعليم أو في البيوت أو في الشوارع أو في الإتاحة في العمل أو في تولي الوظائف أو في كل شيء يظن من ليس عنده خيال أنه مستحيل عليه وأنا سأضرب مثلين من العالم المتحضر الذي يحترم إنسانية الإنسان فهذا دافيد بلانكيت الكفيف البريطاني الذي أصبح وزيرا للتعليم في وزارة توني بلير 1997ثم أصبح وزيرا للداخلية بعد أربع سنوات من هذا التاريخ آه والله وزيرا للداخلية وهو كفيف وهيلين كيلر الأمريكية التي أتيحت لها الفرصة رغم أنها صماء وعمياء أصبحت حديث العالم بل أصبحت معجزة تاريخية في دنيا البشر الذين أتيحت لهم الفرصة فأبدعوا وفي تاريخنا العربي والإسلامي أمثلة من هذا النوع بدء من عصر الرسالة وكيف عامل الرسول الكريم أصحابه من هذا النوع كعمرو بن الجموح الذي أتاح له الفرصة وهو أعرج فأثبت ذاته ونال الشهادة وعبد الله بن أم مكتوم الأعمي الذي تركه أميرا علي المدينة أكثر من مرتين والبطل العربي موسي بن نصير الذي فتح شمال إفريقيا كان كما وصفه الذهبي في تاريخه كان أعرج شديد العرج ومع ذلك قاد الجيوش في معارك كبيرة ولم ينظر إلي إعاقته لأنه جدير بهذه المهمة والمعري الذي كان طاقة من الإبداع الأدبي أخذ عنه دانتي الإيطالي في رسالة الغفران

أنا إنسان

ليكن هذا الشعار هو جواز المرور للحصول على كل الحقوق مادام له الحق وأداء كل الواجبات مادام قادرا عليها دون النظر إلي أشياء تنأى بنا عن إنسانيتنا

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى