علموا أولادكم «لغة الإشارة»
بقلم: وفاء بكري
فاجأنى ابنى الروحى «عبدالله»، فنان المستقبل، ابن أختى الحبيبة زينب- رحمة الله عليها- بسؤال وطلب لم يخطر ببالى من قبل، حول «لغة الإشارة» بسبب موقف تعرض له أثناء عودته من جامعته فى مدينة بدر، فكان سؤاله حول أسباب عدم انتشار «لغة الإشارة» لدى الجميع للتعامل مع ذوى القدرات الخاصة من الصم والبكم، أما طلبه فكان خاصًّا بكيفية تعلمه هذه «اللغة المهمة»، وعندما أبديت اندهاشى وإعجابى بطلبه فى الوقت نفسه، قادنى فضولى إلى معرفة سبب طلبه، فحكى لى موقفًا صعبًا، بطلته شابة بكماء، استقلت الميكروباص من مدينة بدر إلى موقف رمسيس، وتصادف وجود «عبدالله» فى آخر السيارة، بينما ركبت هى فى أولها، وحاولت بقدر الإمكان التواصل مع السائق، ولكن دون جدوى، فما كان من السائق إلا أن انفعل عليها، وقام بإنزالها من سيارته، فتأثر «عبدالله» كثيرًا، خاصة أنه لم يستطع مساعدتها بسبب مكان جلوسه، والقرار السريع من السائق بـ«طردها». بالتأكيد مثل هذه المواقف تتكرر كثيرًا فى شوارعنا ومياديننا، وقليل مَن يستطيع التعامل معها، وقليل مَن «يرق» قلبه لمثل هذه الحالات، فنعمة «لين القلب» ليست عند الجميع، ووفقًا لإحصاءات عدد الصم والبكم فى مصر، فإن عددهم يقارب الـ8 ملايين نسمة، يمثلون 10% فى العالم، وهو رقم ضخم حقًّا، هذا بخلاف السائحين الذين يأتون إلى مصر من الصم والبكم. هذا الرقم ذكرنى، قبل نحو 12 عامًا، عندما حضرت إحدى نهائيات برنامج «نجوم العلوم»، الذى تنظمه مؤسسة قطر فى مجال الابتكار، وظهر أحد المبتكرين المصريين الشباب بجهاز خاص بترجمة ذبذبات الصوت التى تصدر من «الأبكم» إلى كلمات بسيطة يفهمها مَن يتواصل معه، فيما طور طالب مصرى آخر، منذ نحو 3 سنوات، «نظارة» يمكنها ترجمة الصوت إلى لغة الإشارة لتقلل من مشكلات التواصل مع الصم والبكم، ما يساعدهم على الاندماج أكثر فى المجتمع، والمثير أن الابتكارين لم يظهرا للنور حتى هذه اللحظة، مثل الكثير من الابتكارات لدينا التى يكون محلها «الأدراج» لأسباب غير مفهومة، فلنتخيل معًا أن مثل هذه الأفكار والابتكارات قد تحل أزمة 8 ملايين «إنسان» يعيشون معنا، يعانون يوميًّا بسبب عدم تمكنهم من التواصل مع الآخرين، ولا ننكر أن هناك بعض القنوات الفضائية التى تحرص على «ترجمة» الأحداث أو الحلقات المهمة لبعض البرامج بلغة الإشارة، ولكن ليس هذا بكافٍ، ولهذا فمطلب «عبدالله» هو العدل والإنصاف لإخواننا وأبنائنا من الصم والبكم، فعلينا دعم وتوفير تعلم لغة الإشارة فى كل مركز وحى وقرية على مستوى مصر، من خلال الجمعيات الأهلية المنتشرة، والأهم إدخال الابتكارات طور التنفيذ عن طريق الجهات المعنية، مع تبنى رجال الأعمال لنشرها، وأعتقد أنه ستكون لدينا سوق واعدة داخلية وخارجية لهذه الابتكارات، وبالنيابة عن الجميع أعتذر للفتاة البكماء، التى أنزلها السائق وسط الطريق لعدم فهم «لغتها»، التى حان الوقت لاحترامها وتعلمها.
نقلا عن المصرى اليوم