الدكتورة منال حسنة تكتب: (فايروس الهواء الأحمر)
انتشرت الفايروسات في السنوات الأخيرة، وكان أبرزها فايروس كورونا الذي شل حركة الدول لعدة سنوات حتى تم التمكن من ايجاد لقاح له.
واليوم يجتاحنا فايروس جديد، وغريب تمكن من تقسيم الكرة الأرضية إلى أجزاء متفاوتة الألوان، حيث تحول الهواء في بعض المنازل إلى اللون الأحمر الخمري، وانصبغت مأكولات، ومشروبات هذه المنازل بنفس اللون، وتبعها أيضا كل ما يتم استهلاكه من قبل أصحاب هذه المنازل، وأخرى تحولت إلى اللون الزهري، وأخرى إلى اللون رمادي، والفئة القليلة من المنازل لم تُصب بالفايروس، حيث تمكنت من المحافظة على الهواء النقي دون أن يتلون.
الدكتورة منال حسنة تكتب: (فايروس الهواء الأحمر)
انتشرت هذه الظاهرة، ولم يتمكن الحقل الطبي من اكتشاف سبب تلون الهواء، والطعام باللون الأحمر، إلى أن استطاع أحد الحكماء من ترصد هذه الحالة، وعلم أن الهواء يكسب اللون الأحمر من خلال أنفاس أصحاب المنزل الذين كانوا يمضون ساعات طويلة على نشرات الأخبار الدموية، والعنيفة، حيث يتناولون طعامهم، وهم يستمتعون بمشاهدة الحروب، ويشاهدون بكل برود تعرض الأطفال للقصف، ولفقدان أطرافهم، وحياتهم في أغلب الأحيان دون أي ردة فعل إنسانية، أو تنديد، أو استنكار، و كأن الأمر لا يعنيهم.
وكلما زادت لامبالاتهم كلما ازداد اللون كثافة، وكلما زاد التعاطف الإنساني كلما فقد اللون من تركيزه حتى يتلاشى.
فما كان الهواء الأحمر سوى فايروس إجتماعي أخلاقي، وليس طبي، وهو عبارة عن فقدان الانسانية لمناعتها، نتيجة التأقلم مع المشاهد العنيفة، وعدم التعاطف، والتشجيع على العنف والقتل، والتفرقة والظلم الاجتماعي.
فالتعاطف، والرحمة، والاحترام لأرواح الأشخاص الآخرين هي جوانب أساسية في الإنسانية، وبالمقابل، عدم التعاطف وتشجيع العنف، والقتل يقوض القيم الإنسانية ويؤدي إلى تدهور الأخلاق والمجتمعات.
وأصبحت عدوى الهواء الأحمر منتشرة بحجة عدم قدرة الشخص لفعل شيء لمساعدة الآخر، وتسليمه لنظرية المؤامرات، والحجة الأكبر التي يريح بها ضميره هي أن الإنسان المستهدف لا تربطه به علاقة قرابة, وهو أضعف من أن يساعده. ونسي أن هناك عبادة اسمها عبادة المشاعر حيث يُؤجر المؤمن على حزنه لمصاب أخيه الإنسان. ونسي أن من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان،
أي أننا كبشر إن لم يكن لدينا القدرة على المساعدة، نستطيع أن نتعاطف، ولا نبخس من فعلنا الصغير بحجة أنه لا يُحدث فرقاً بل يجب معرفة أن أصغر الأمور يمكنها أن تدخل في تفاصيل أعظم الأمور، والفرق يحدث مع الاستمرارية، والإيمان بالعمل، فقطرة الماء تحفر في الصخر، ليس بالعنف، ولكن بالتكرار.
لذلك الوسيلة الوحيدة للحماية من فايروس الهواء الأحمر هو العودة إلى إنسانيتنا وآدميتنا، وتعزيز مناعتهما.
لمتابعة أخبار موقع نساعد عبر google news اضغط هنـــــــــــا ، صفحة موقع نساعد على الفيسبوك اضغط هنـــــــــا وموقع تويتر اضغط هنــــــــــــــا
اقرأ أيضًا
الدكتورة منال حسنة تكتب: الإنبهار بالغرب كالجهل بأصل قهوة لواك