سلايدرمقالات الرأى

غادة سويلم تكتب .. “المعونة الأمريكية” رايح جاي!

 

 

“مستحيل يكون الكلام ده حقيقي” جملة صدمتني من إحدى صديقاتي وأنا أتحدث معها عن قيام مصر بإرسال مساعدات طبية لأمريكا لدعمها في المعركة ضد فيروس كورونا. لم تكن صديقتي على علم بالخبر من الأساس، وحتى عندما أخبرتها كانت تضحك في سخرية من أنه غير صحيح.

في الواقع، لم تكن صديقتي فقط التي لم تصدق هذا الخبر، فهناك الكثيرون الذين لم يصدقوه عند انتشاره على مواقع التواصل الاجتماعي، كنت أرى تعليقات كثيرة تأخذ الخبر بسخرية وتتعامل معه وكأنه “كوميك” على صفحات الفيسبوك.

لم استعجب هذه السخرية والتي وصلت من البعض إلى استنكار الخبر أو تكذيب من يقوم بإعادة نشره. ولما لا، وهؤلاء لا يسمعون لسنوات طويلة إلا أخبار “المعونة الامريكية لمصر”!

من كان يصدق أنه سيأتي يوم تقوم فيه مصر بإرسال معونات طبية إلى الولايات المتحدة الامريكية؟، ومن كان يصدق أنه سيأتي اليوم الذي ترسل فيه مصر إلى دولة مثل الصين مساعدات طبية، وقبلها مساعدات إلى إيطاليا؟ أنا شخصيًا لم أكن أتخيل أن هذا اليوم سيأتي؛ ليس لصغر حجم دولة مصر ولكن كانت مصر لفترات طويلة لا تأخذ مثل هذه المبادرات. قد يكون إخفاقًا سياسيًا كانت مصر فيه قبل فترة حكم الرئيس السيسي.

عندما تنظر كيف تعاملت القيادة السياسية للدولة مع أزمة كورونا، ستجد أنك أمام رؤية مختلفة، وقيادة رشيدة، وملامح جديدة أصبحنا نراها لأول مرة سواء كانت داخلية أو خارجية، سواء كانت للمصريين داخل بلدهم أو المصريين خارجها، سواء للأجانب الموجودين في مصر وأيضا خارجها.

قرارات قوية، ورؤية استباقية، وتعامل فوري وتنسيق بين الوزارات المعنية. عملت الحكومة خلال أزمة كورونا ـ ولا زالت ـ في تناسق كبير يعكس تنظيم دولاب العمل المصري، وتغيير آلية العمل الحكومي الروتيني. لتعكس رغبة وقدرة الدولة على مجابهة الأزمات الطارئة بما لا يضر بمسيرة التنمية الواعدة.

فلما لا يصدق هؤلاء أن مصر قادرة على مساعدة دول كبرى مثل الولايات المتحدة والصين ودول أوروبية أخرى؟ كان فيديو السفير الأمريكي بالقاهرة وهو يشكر مصر على إرسالها المساعدات ويقول بالعربية “شكرًا” تأثير الصدمة على من شككوا في صحة الخبر، بعد أن تيقنوا أن الخبر صحيح.

ما قامت به الدولة المصرية تجاه تقديم المساعدة لدول كبرى كان خلفه الكثير من النوايا والتي كلها بالطبع نوايا طيبة، ولكن كان خلفها أيضًا تحقيق مكاسب سياسة لتوطيد العلاقات السياسية أكثر وأكثر.مع تلك الدول.

فثمار هذه المبادرات السياسية الذكية يظهر ولو بعد حين، لكن النوايا الطيبة تؤتي الثمار سريعًا، فوافق مجلس النواب على التعديل الأول لاتفاقية المساعدة الموقعة بين حكومة جمهورية مصر العربية، والممثلة في وزارة التعاون الدولي، وحكومة الولايات المتحدة الأمريكية، ممثلة في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، بشأن مبادرة تنمية شمال سيناء بمنحة إضافية بقيمة 6 ملايين دولار، ليصل إجمالي الاتفاقية إلى 56 مليون دولار.

قبل أن يفكر هؤلاء في جدوى وفائدة المساعدات الطبية، في توقيت كهذا وأزمة كتلك التي يعيشها العالم. جاء الرد سريعًا بتحقيق مكاسب سياسية ومجتمعية واقتصادية أيضًا.

أصبحت تحديدًا المعونة والمساعدات الأمريكية “رايح جاي”، مصر تُقدم مساعدات ومبادرات، والولايات المتحدة تقوم بنفس الدور. وهو الحال نفسه مع الصين عندما أرسلت الصين طائرة مساعدات طبية إلى مصر الأسبوع الفائت. العلاقات الخارجية تدار هكذا، تأخد مفهوم الإنسانية والمشاركة بين الشعوب. وفق سياسات عليا لا تملي على السيادة المصرية قرارات أو تتدخل في سياستها الداخلية. هذه مفردات جديدة للقيادة السياسية لا يستوعبها كثيرون.

اليوم لا يستطيع شخص أن ينكر حقيقة أن مصر أصبح لها دور قيادي، لا يقل عن دور الدول الكبرى في مجالات كثيرة.

للمتابعة الأولى لتعليقات متابعي مواقع التواصل الاجتماعي، تجد قضية فتاة تطالب البنات بفتح كاميرا على برنامج ما، مُتابعة ومرصودة أكثر من أرقام المشروعات، وعدد الإنجازات والطرق والكباري. ولا يعرف الكثير من المواطنين ما تقدمه مصر من مساعدات إلى الدول الكبرى.

كفى دونية من البعض؛ فعليهم بالشعور بالفخر بدولتهم مصر

اقرأ أيضًأ 

رئيس الوزراء: مصر حريصة على تطبيق الإجراءات الاحترازية واستمرار عجلة الاقتصاد

رئيس الوزراء يعلن مواعيد حظر التجول في رمضان وموعد تحديد امتحانات الثانوية العامة والجامعات

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى