تقارير

كورونا يهدد أطفال التوحد بانتكاسة .. معاناة الأهالي وتحركات حكومية

جلسات "التكامل" متوقفة والأمهات يرفضن التدريب بالمنزل خوفًا من العدوى

 

كتبت – صفا بكري

لم تقتصر معاناة الأطفال المصابين بالتوحد على ما يفرضه المرض من مشكلات ولكن جاءت أزمة انتشار وباء كورونا لتضيف أعباء جديدة على الوالدين وتدهورًا في الأوضاع المرضية للأطفال وفيما يخص قدرتهم على الاندماج والتجول في الأماكن العامة، وتحصيل التعليم خصوصا مع إغلاق المدارس ومراكز التدريب.

تحكي سارة والدة الطفل، عمر، 5 سنوات، لـ”نساعد” “حصلت على كورسات كثيرة في علاج اضطراب وسلوكيات مريض التوحد لأتمكن من رعاية ابنى وإكسابه مهارات التعامل مع المجتمع والاعتماد على النفس ولكن ظهور كورونا جعل الأمور صعبة جداً، فيه أشياء كثيرة وقعت مننا في التدريبات خصوصا جلسات التكامل الحسي، لإغلاق المراكز المتخصصة”.

لم تستسلم سارة بدأت تتواصل مع عمر في البيت لأنها تملك الأدوات والمهارات المطلوبة لتدريب ابنها وتعديل سلوكه “الموضوع صعب جدًا، وخائفة عليه من إنه ينتكس، اشتغلت معاه مهارات وتخاطب فى البيت، وخايفه أجيب مدرب تكامل حسي ليعطيه جلسات خاصة في البيت خوفا من العدوى وتغلبت على الأمر بتحميل فيديوهات من يوتيوب وبحاول علي قدر الإمكان أطبقها مع إشراف أخصائية عبر مكالمة فيديو”.

كورونا ليست مبررًا لوقف الأنشطة العلاجية

أما  “فايزة” والدة “عدنان”، 10 سنوات فهي مدربة تعطى دورات في اضطراب التوحد وصعوباته في سوريا، فتقول: “ابنى أصبح أفضل نسبيا من ناحية الاستقلالية مقارنة بالفترة السابقة، وفي ظل أزمة الفيروس بدأت أتواصل معه وأعطي له دروس موسيقى على آلة الأورج أسبوعيًا، ولكن بجرعات بسيطة ومتنوعة”.

وتضيف: “عدنان يحب القراءة وهو قارئ جيد جدا وملم بأشياء كثيرة، ويطبقها خلال يومه، مثلا قرأ معلومة بأن الملح قاتل صامت، فسألني عن معنى الجملة وعندما شرحتها له، أدرك المعنى وبعدها قلل من تناول الملح واللحوم أيضاً”.

وخلال فترة الحظر المفروضة بسبب كورونا تحاول فايزة قدر الإمكان تدريب عدنان مرتين أو ثلاثة أسبوعيا على السباحة لأنها يحبها كثيرا، حتى لا تعاوده نوبات الغضب أو ينتكس، كما بدأ يلعب مع أشقائه في مزرعة زيتون موجودة في المنطقة التي يعيشون فيها مع الحرص على أن يلتزم بالإجراءات الوقائية مثل الحرص على غسل اليدين بشكل متكرر”.

وتؤكد “فايزة” أن الأمهات يستطعن التعامل مع ظروف كورونا بخلق نشاطات تشغل الطفل، وأن يدربنهم على الاستجابة للنصائح بالإصرار على عدم التراجع عنها وهو أمر يحتاج إلحاح ومجهود كبيرين.

مدرب منزلى مع تشديد الإجراءات الوقائية

ومن سوريا إلى الولايات المتحدة الأمريكية تتشابه ظروف أمهات أطفال التوحد إذ تقول ميسون إن ابنها، “يزن”، 5 سنوات، يعاني من التوحد ولذا  كان يأتى له مدرب خاص بالمنزل وهو ما توقف منذ شهرين مع تطبيق الإجراءات الاحترازية لكورونا، وفى هذه الفترة تأكدت من حاجة “يزن” لهذه الجلسات مع ظهور اضطرابات وتشنجات، لذا عدت للاستعانة بمدرب خاص فى المنزل ولكن مع أخذ جميع الاحتياطات الممكنة مثل ارتداء الماسك.

حسب فاطمة سلامة، مدربة وأخصائية تخاطب، فإن إيقاف التدريبات منذ بداية أزمة كورونا، أثر بالسلب كثيراً على خطة علاج أطفال التوحد، وقالت لـ”نساعد” إنها نصحت آباء كثيرين بضرورة استئناف الجلسات فى المنازل مع تطبيق الإجراءات الوقائية والاحترازية، ووافق أغلبهم ولكن البعض كان خوفه من إصابة الأبناء أكبر.

حنان الأمهات أسهم في تحسن حالات أبنائهن

أما ورد سام، خبيرة التغذية العلاجية فتكشف عن مفاجأة وهي تحسن حالة عدد كبير من الأطفال خلال الفترة الماضية بسبب وجود فرصة أكبر من جانب الأمهات لمزيد من الرعاية والاهتمام والحنان خصوصا أن أطفال التوحد يحتاجون لحنان الأم والتقرب منها، لذا تقدمت حالات عدد كبير منهم.

وأضافت ورد إن بعض حالات الأطفال شهدت زيادة فى نسبة العدوانية خصوصا بين من اعتادوا الخروج والتنزه يومياً والدمج مع أطفال آخرين، لذا أصيبوا بانتكاسة عندما أصبحوا مجبرين على البقاء في المنزل دون مقدمات، لذا تنصح امهات هؤلاء بتكثيف محاولات التواصل أطفالهن بأي شكل من الأشكال، وتدريبهم وممارسة أي أنشطة.

تحرك حكومى لمراعاة ظروف المصابين بالتوحد

أزمات مرضي التوحد خلال أزمة كورونا دفعت حكومات عدة حول العالم إلى حلول مؤقتة، إذ أعلنت الحكومة الفرنسية تعديل قواعد العزل والحجر الصحي بالنسبة للمصابين بالتوحد سواء الكبار أو الصغار بالسماح لهم بالتحرك بحرية قليلة، والذهاب إلى بعض الأماكن بعد تزويدهم بشهادة حتى لا يتم القبض عليهم والمرافقين بتهمة مخالفة إجراءات الحظر.

بحسب منظمة الصحة العالمية يصل عدد المصابين بالتوحد إلى 70 مليون مصاب، منهم أكثر من 3.5 مليون بالولايات المتحدة، و1.5 مليون فى مصر.

وبحسب المنظمة، فإن اضطراب التوحد متغير جدًا ويتراوح بين قصور خفيف أو شديد فى المهارات المعرفية غير اللفظية، وتشير التقديرات إلى أن نحو 50٪ من المصابين يعانون أيضاً من إعاقات ذهنية، ويمكن أن يؤدي الاكتشاف المبكر للمرض لنجاح العلاج ومنها إخضاع الطفل لبرنامج تدقيق سلوك يؤهله للالتحاق بالمدارس في السن المناسب.

اقرأ أيضًا 

بصيرة: إصابة 616 ألف مصري بفيروس كورونا بعمر 18 سنة فأكثر

الصحة: الكمامة القماش غير فعالة للحماية من كورونا في حالة تطاير الرزاز

طبيب يكشف فصيلة الدم الأكثر والأقل عرضة للإصابة بفيروس كورونا

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى