إسلام عزام يكتب .. رئيس الوزراء يبحث عن كبش فداء لأزمة كورونا
بدأ الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، حديثه في المؤتمر الصحفي لإعلان إجراءات كورونا، بالإشارة إلى ضعف إمكانيات مصر الصحية، وأرجع ذلك إلى أرث عقود سابقة. وبعيدًا عن جدوى الطرح، واختلافنا حول قضية الأولويات الدائمة مع حكومة الدكتور مدبولي. انتقل سريعًا إلى الهجوم على الأطباء، مؤكدًا تزايد حالات الوفاة نتيجة غياب بعض الأطباء في المحافظات عن عملهم.
وزيرة الصحة أعلنت في نفس اليوم، توفر أجهزة التنفس الصناعي، ووجود نسبة إشغال فقط بنسبة 59% فقط، ونسبة الإشغال للعناية المركزة 71%، وردت نقابة الأطباء بيبان مقتضب أكدت فيه عدم توفر أسرة الرعاية المركزة ونقص المستلزمات الطبية بالمستشفيات.
الحل ببساطه طبقه وزير الداخلية الأسبق اللواء أحمد رشدي، ذهب إلى قسم الأزبكية، وهو يرتدي جلبابًا. وطلب تحرير محضر. رفض ضباط القسم وعاملوه بإهانة. فتوجه إلى مأمور القسم. وأبلغه، ليكمل المأمور ما فعله ضباط القسم. وهنا أعلن وزير الداخلية عن شخصيته. ويمكن تخيل صدى الواقعة على أقسام الشرطة، ومديريات الأمن آنذاك.
قبل أربعة أعوام، مر حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم على مؤسسات حكومية، وكشف غياب موظفين كبار عن مكاتبهم وقت العمل. وانتشرت لقطات لحاكم دبي واقفًا أمام مكاتب خالية من مديرين يُفترض بهم تسيير العمل في هذا الوقت. كم مرة دخل الدكتور مدبولي وزارة ما أو قسم شرطة أو مستشفى أو جهة حكومية. بدون حراسة ولا ترتيب للزيارة، ليعرف الرجل الفارق بين البيانات والواقع على الأرض.
لو حاول رئيس الوزراء، أو أحد معاونيه الاتصال بالخط الساخن لوزارة الصحة، لتوفير سرير رعاية مركزة لمريض كورونا أو غيره. سيعرف الفارق بين بيانات وزيرة الصحة. وشكوى الأطباء.
منذ بداية الأزمة تتخذ الحكومة قرارات غير مفهومة، بررت مرة عدم الإغلاق الكامل. بالسعي إلى الموازنة بين الاقتصاد والإجراءات الوقائية، لكن مثلًا فائدة تطبيق حظر التجول لمدة أربع ساعات ليلًا ليس له معنى. ولا مبرر ولا يمكن أن يساهم بشيء يذكر. ولم تبرر إصرار وزارة الصحة على إجراء تحليل الكورونا.
كل الدول التي سيطرت على انتقال العدوى، توسعت في إجراء التحاليل، ورغم تمسك وزارة الصحة في البداية بالتحليل في معامل وزارة الصحة المركزية فقط. وبعد ذلك، ظهرت شركة تجري مسحة كورونا لمالكي السيارات في مكانين حتى الآن، بالمستشفى الميداني بجامعة عين شمس. والجامعة الأمريكية بالقاهرة. والمُفاجأة أن التحليل تظهر نتيجته بعد 24 ساعة فقط. إذا أرادت الحكومة التوسع في الفحص. من الممكن أن تُجري التحاليل لموظفي الوزرات والهيئات والمصالح الحكومية والخاصة. في أماكن عملهم حماية لهم؛ وللسيطرة على انتشار العدوى.لكن إجراء التحليل لمالكي السيارات الخاصة دون غيرهم غير مفهوم، وسيطرة جهة ما على تحليل في ظل وباء منتشر لغز اعترضت عليه الجمعية المصرية للطب المعملي.
الأزمة الأخرى التي تديرها الحكومة بشيء من الارتباك، عزل المرضى بالمستشفيات. تطبيق العزل المنزلي في بعض المناطق الشعبية بالضوابط شبه مستحيل. وإشارة رئيس الوزراء إلى عدم دخول مستشفيات القوات المسلحة والشرطة المواجهة. استعدادًا لما هو أسوأ. مجازفة غير محسوبة، من الممكن أن تخرج الأمور عن السيطرة في محافظة ما. ونحتاج آنذاك إلى إمكانيات أكبر لن تتوفر لدنيا بسهولة.
في الصين، ورغم عدم ثقتي في البيانات الرسمية. وقفت عناصر من القوات المسلحة لتؤدي التحية العسكرية للأطباء. ولم تتمالك دموعها، وزيرة الصحة الإسبانية خلال الإعلان عن أعداد ضحايا فيروس كورونا من الأطباء والعاملين في قطاع وزارة الصحة، في مصر توفى أكثر من مئة طبيب حتى الآن.
ثمة حسابات غائبة عن الحكومات المتعاقبة لقطاع الصحة. الأرقام المُعلنة عن وجود نحو 1400 مستشفى خاص من بين 2062 مستشفى في مصر. وتركيز شركات خاصة على الاستثمار في القطاع الطبي، دون مراعاة لمعرفة آليات حماية محدودي الدخل، ورغبة وقدرة الحكومة على منافسة هذا القطاع والسيطرة على الأسعار. وحماية الكادر البشري الأهم في المنظومة سواء من إغراءات الهجرة أو بيروقراطية نظام تغيب عنه أدوات الرقابة، ومعها يلمع وينجح الطبيب المصري في الخارج فيما تكتفي وزيرة الصحة. بالوقوف أمام مستقبل أطباء التكليف. دون رغبة حقيقة في حل الأزمة الحالية. أو حتى السيطرة على هجرة الأطباء والتنبؤ بمشكلة تلقي بظلالها لمنظومة تعاني أصلًا.
في أول مايو الماضي نشر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إحصائية ليؤكد عدم تأثر عدد الوفيات بفيروس كورونا. البيان ذكر أرقامًا محددة لعدد الوفيات خلال شهر أبريل 2020 بلغت 42 ألفا و144 حالة وفاة، مقارنة بـ43 ألفا و303 حالات فى أبريل 2019، و43 ألفا و399 حالة فى أبريل 2018.”. قارن البيان أرقام الوفيات عمومًا دون ذكر أو تفصيل لأسباب الوفاة، هل من الممكن أن ينشر المركز أرقام الوفيات في مصر. في شهر مايو، ويونيو؟
هذه الأرقام لها دلاتها، وكشفها سيعفي الأطباء من الدفاع عن أنفسهم. أو التسليم ببساطة أن غياب طبيب في مركز هنا أو مستشفى هناك ــ لو فرضنا أنه حدث ــ يمكن أن يساهم في زيادة نسبة الوفيات. يمكن لرئيس الوزراء، تعميم فكرة التحليل للسيطرة على العدوى، ويمكنه التدخل لحل مشكلة أطباء التكليف. والبحث في أسباب تدهور المستشفيات الحكومية، وإيلاء القطاع الصحي نصيب أكبر في الموازنة. لكن هذا كله بدون طبيب مُدرب، ومُمرض كفء لن يجدي. وستظل الأزمة مستمرة وسيظل رئيس الوزراء يبحث عن كبش الفداء لأزمة كورونا. دون مواجهة المشاكل الحقيقة والبحث عن حلول لها.
اقرأ أيضًا
مسحة كورونا في السيارة بالجامعة الأمريكية .. تعرف على الأسعار والمواعيد وأرقام التواصل
15 قرارًا تطبقها الحكومة من السبت للتعايش مع كورونا .. تعرف عليها
الخشت يقرر إعفاء 50% من تكاليف علاج أقارب الدرجة الأولى لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بالقصر العيني