إسلام عزام يكتب .. لعنة الإهمال لا الفراعنة
بقلم إسلام عزام
24 ساعة شهدت أربع حوادث مروعة، لم تكن أسطورة الفراعنة الشهيرة السبب فيها، أسبابها متعددة ونتائجها ممتدة ومختلفة، لكن القاسم المشترك بينها الإهمال وفقط.
انهار عقار سكني بجسر السويس، وسقط عمود حديدي من أعمال كوبري ترسا بالهرم على السيارات، واندلعت النيران أسفل النفق المجاور لمحطة القطارات بالزقازيق، وكانت الفاجعة الأكبر حادث قطاري سوهاج.
عقار جسر السويس، في منطقة سكنية، ورغم تأكيدات مجلس الوزراء بمراجعة المصانع في الأماكن السكنية، وبيان وزارة التنمية المحلية عقب أزمة عقار فيصل، بمراجعة المصانع التي تستخدم موادًا مشتعلة، تكررت الواقعة بعد أقل من شهر. هذا الإهمال يحتاج إلى مراجعة من يصدر بيانات مكررة دون جهد حقيقي لمنع تكرار الأزمات.
سقوط العمود الحديدي بمنطقة ترسا، استمرار لحالة العشوائية في الإنشاء دون مراعاة أبسط قواعد الذوق العام، أو السلامة أو حتى المنطق، مشهد الكباري التي تخترق العمارات مؤسف، تكرار الحوادث في مناطق العمل إهمال جسيم.
في 2014 وأثناء العمل على حفر تفريعة قناة السويس، توفي 6 عمال، لم ينتبه الكثيرون إلى ضخامة الرقم، وتوالت الحوادث في أماكن المشاريع والكباري دون أن ينتبه أحد أيضًا.
استمرار هذه العشوائية، سيؤدي إلى كارثة، هل تخيل أحدهم سقوط إحدى الكمرات الخرسانية أثناء إنشاء كوبري ما. الاهتمام بعوامل الأمان لا يقل أهمية عن الالتزام بالوقت المحدد لإنجاز المشاريع.
الوقت المحدد لإنجاز أي مشروع هدفه تحسين حياة المواطنين في أقل وقت، ببساطة لن يتحقق هذا الهدف إذا لم نحافظ على حياة الناس أصلًا!
في حريق نفق الزقازيق اهتمت هيئة السكة الحديد أن تنفي نشوب الحريق بمحطة قطار الزقازيق، واكتفت في البيان الصادر بالتأكيد على أن المحطة لم تندلع فيها النار، وإنما أسفل نفق مجاور لمحطة القطار.
لكن السؤال الأهم لما لم تشترك معدات الإطفاء بمحطة قطارات الزقازيق في إخماد الحريق الذي استمر لساعات؟، هل توجد أصلًا وسائل إطفاء حديثة بمحطة القطار؟
إصدار البيانات الصحفية صنعّة لا تمتلكها هيئة السكة الحديد، عقب حادث قطار سوهاج، صدر بيان مرتبك ومتسرع، يزعم قيام مجهول بفتح بلف الخطر. وتوقف القطار ممّا تسبب في الكارثة.
هناك أسئلة منطقية حول توقيت البيان، والمعلومات الواردة فيه، لو افترضنا صحة البيان الصحفي الذي قفز على تحقيق النيابة والمنطق وكل شيء، هل يمكن دراسة آلية ما لمنع تكرار سحب بلفات الخطر، كيف عرف من أصدر البيان بحقيقة الأمر قبل إجراء التحقيق اللازم.
ولو عرف المسؤول بسحب بلف الخطر، وتم إبلاغ القطار ولم يتوقف حسب تصريحات وزير النقل، لماذا لم يتم إبلاغ القطار المتوقف ليتم إخلائه؟
التبرير لمجرد نفي مسؤولية مسؤول ما، يورط الهيئة والوزارة المسؤولة أكثر ممّا يفيد.
وزير النقل أصدر تعليمات منذ فترة بتوقف نظام التحكم في حركة القطارات، ATC، وهو نظام يعمل على تحقيق السلامة وتوقيف القطارات أتوماتيكيًا في حالة الخطر.
الوزير خلال تصريحاته عقب الحادث قال إنه طلب من السائقين الاعتماد على خبرتهم في تقدير الخطر، وتوقيف جهاز الإنذار الآلي بعد الشكاوى المتكررة من عدم انتظام مواعيد القطارات.
من المسؤول عن القرار وتبعاته؟، من المسؤول عن توقيف جهاز الإنذار الآلي لحل مشكلة التوقيت؟، المسؤول هو من أصدر قرارًا منفردًا بحل شكوى عدم انتظام المواعيد على حساب أرواح الناس!
لدينا أزمة إهمال في تجاهل أهمية ومنطق الرواية الأولى، تكررت مرتين خلال هذا الأسبوع، الأولي: إهمال أهمية تحقيقات النيابة وقفز وزارة النقل على التحقيقات بهذا البيان العجيب.
الثانية تجاهل أهمية أن مصر مصدر معلومة لحدث ما يجري في ممر ملاحي دولي، وحتمًا سيتابعه العالم كله، لا أعرف سببًا منطقيًا للقفز على الأزمة وصدور تصريحات من مسؤولين بالهيئة عن استئناف الملاحة وعودة حركة السفن الأربعاء الفائت.
لماذا أهمل شخص ما أهمية تناول الحدث العالمي بشيء من المنطق، خاصة أن تعليق العمل في قناة السويس أمر لا يمكن إخفاءه.
لدينا أزمة إهمال في التعامل مع البيانات الرسمية، فضلًا عن جودتها ومصداقيتها، ولدينا أزمة في أهمية التعامل على الأرض بصدق حتى تخرج البيانات معبرة عن الواقع، ولدينا أزمة إهمال في الإدارة، الاعتراف بها ضرورة. الحل الوحيد لها معاقبة المُهمل مها كان اسمه أو منصبه، معاقبة الوزير قبل المُهمل المجهول ستمنع تكرار حوادث القطارات، وستمنع الموت المجاني بمواقع المشاريع المختلفة، وبالطبع عقاب المُهمل سيمنع إصدار بيان لاستئناف الملاحة في قناة السويس قبل حل الأزمة!
لمتابعة أخبار موقع نساعد عبر google news اضغط هنـــــــــــا ، صفحة موقع نساعد على الفيسبوك اضغط هنـــــــــا وموقع تويتر اضغط هنــــــــــــــا
اقرأ أيضًا