داليا الشيخ تكتب .. إجراءات مواجهة كورونا في مصر وبريطانيا
في الوقت الذي تداولت فيه وسائل إعلام مصرية خبر تعديل مدة الحجر الصحي للعائدين من الخارج، لتصبح المدة أسبوعا واحدًا بدلًا من أسبوعين، قررت بريطانيا الآن إخضاع جميع المسافرين اليها لحجز صحي مدته 14 يومًا.
بريطانيا تقول أنها ستلجأ إلى هذا الإجراء في شهر يونيو. ترى أنها سيطرت على الموجة الأولى من المرض، ولا ترغب في مواجهة موجة ثانية من المرض بسبب المسافرين إليها.
تفاصيل الحجر لم تتضح بعد. الأجهزة الصحية سعيدة بالقرار. وترى أنه القرار السليم. المعارضون يصفونه بالقرار الأحمق والغير عملي.
ضغوط واعتراضات
شركات الطيران وشركات السياحة تعترض. ومؤسسات عدة تطالب باستثناءات لزائريها.
المؤسسات الصحية والبحثية تطالب باستثناءات لزائريها المشاركين في أبحاث التوصل إلى مصل، وسائر التجارب العلمية الخاصة بالكورونا.
المؤسسات الرياضية تطالب باستثناءات أيضًا للفرق الرياضية الزائرة لبريطانيا للمشاركة في المباريات المستقبلية. فورميلا وان مثلا أبدت اعتراضًا شديدًا. وترغب في استثناءات للرياضيين.
موردو الأطعمة للأسواق البريطانية يطالبون باستثناءات لسائقي شاحنات الخضر والفاكهة واللحوم القادمة من أوروبا برًا. لو خضعت السيارة والسائق للحجر الصحي، ستفسد الأطعمة المحملة عليها.
بعض المواطنين ابدوا تذمرهم أيضًا. فالقرار يعني أسبوعين حجر من إجازاتهم السنوية. ويعني انهم لن يتمكنوا من السفر. فرصيد الإجازة السنوية في معظم المؤسسات أقل من ستة اسابيع.
القرار البريطاني
التذمر والضغوط دفعت وزير النقل إلى التصريح اليوم أن مدة العزل تظل ١٤ يوم. يعفى منها القادمون من ايرلندا فقط. مضيفًا أنه قد تكون هناك استثناءات للأشخاص الذين يصلون إلى بريطانيا من بلدان ذات معدلات منخفضة من الإصابة بالفيروس.
أي أنه ستكون هناك قائمة بالدول التي يخضع القادمين منها للحجر الصحي والدول المعفاه.
هناك مقترح أيضًا أعلن عنه اليوم بوجود جسر جوي بين بريطانيا وعدد من الدول ذات معادلات الاصابة المماثلة، يستثني مواطنيها فقط من الحجر الصحي.
هناك حديث أخر عن اجراءات “المعاملة بالمثل” بين الدول أيضًا.
آليات التنفيذ
هناك العديد من الاسئلة العالقة حول آلية تطبيق القرار. وكل ما طرح حول آليات التنفيذ لا يزال في قائمة المقترحات.
القرار أتخذ بالفعل. ومدته حددت بالفعل. لكن المناقشات حول آليه وطرق التنفيذ
المعترضون يصفون القرار بالأحمق، لعدم وجود عدد كاف من رجال الشرطة للتفتيش على الخاضعين للحجر.
لكن هناك العديد من “المقترحات” التي يتم مناقشتها الآن لتسهيل عملية التنفيذ: كأجهزة تتبع للقادمين، أو تطبيق على تلفوناتهم المحمولة، وتفتيش مفاجيء من متطوعين، وإقامات في أماكن محددة بدلا من السكن الخاص.
المرجح في وسائل الإعلام البريطانية وبحسب تصريحات المسؤولين أنه سيتم وضع قائمة للدول. هذه الدول يخضع مواطنيها لحجر مدته 14 يوم. وهذه دول ذات معدل تحاليل وفحص منخفض، فلا يخضع القادمين منها للحجر.
ما اخشاه – لا قدر الله – أن تصبح مصر يوم ما ضمن قائمة الدول الغير معفاه. بسبب التخبط في الإجراءات مثلا. أو لأي أسباب أخرى حتى لو كانت أسباب سياسية أو غير منطقية لدى البعض.
كلنا رأينا الاضرار التي وقعت على مصر في أوائل شهر مارس عندما منعت بعض الدول المجاورة رحلاتها إلى مصر. أو طالبت المصريين فيها بإجراءات لم تطلبها من الجنسيات الاخرى – رغم عدم وجود إصابات ووفيات كالتي توجد الآن.
7 أيام
بالنسبة للاقتصاد وللمصريين العائدين من الخارج، تعديل مدة الحجر الصحي لسبعة أيام فقط، قرار ممتاز من وجهة نظرهم.
لكني أخشى أن يكون له أضرار مستقبلية بعيدة المدى. خاصة أن لم تعترف به الدول الأخرى.
فالهدف من مدة الـ 14 يوم، هي أنها مدة حضانة الفيروس. فالشخص قد يكون حاملًا للفيروس، ولا تظهر عليه الأعراض إلا في اليوم الـ 14. بل ان اختبار ال PCR قد تكون نتيجته سلبية قبل ذلك أيضا. ولذلك حتى إجراءات العزل الذاتي للمخالطين أو الذين يشتبه في مخالطتهم لشخص ظهر عليه أعراض 14 يوم. وليس سبعة ايام.
وإن لم تعترف الدول الاخرى بإجراءات مصر، أو في حال زيادة معدل التحاليل، سيتم معاملة المصريين المسافرين إلى الخارج معاملة أخرى، يفرض عليهم حجز أسبوعين أينما سافروا. بالطبع أرجو ألا يحدث هذا أبدًا.
يبدو لي أن مصر تحاول الإمساك بالعصى من المنتصف. نطبق حجر صحي، لكنه ليس كاملًا. نطبق الإجراء س أو ص ، لكنه ليس كاملا … وهكذا.
لا ادعي الفضيلة. سفري إلى مصر سيكون أسهل كثيرًا إذا كانت مدة الحجر أسبوعًا واحدًا فقط. لكني لا أتحدث عن السهولة وعما أفضله. بل عن الأثر وكيف تنظر الدول الأخرى للقرار.
إيطاليا ألغت الحجر الصحي للمسافرين إليها. والفكرة كلها التحاليل، وعلى حد علمي، مصر لا تجري عدد كاف من الفحوصات يعرفها بمعدل انتقال العدوى الحقيقي.
بريطانيا مثلًا تحاول الوصول إلى هدف يومي وهو 100 ألف اختبار في اليوم الواحد. وتتعرض لمسائلات لعدم تمكنها من إجراء هذا العدد يوميًا كما وعدت. أحيانًا يصل العدد إلى 80 ألف فقط … الخ. وهي مناقشات مختلفة عن المناقشات التي تجري في مصر.
نشرت الصحفية الدكتورة داليا الشيخ المقال كمنشور عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك
اقرأ أيضًا