بدءا من اليوم سيتم اعتبار جميع الأشخاص في انجلترا – فوق 18 عامًا- أنهم قد وافقوا بالفعل على التبرع بأعضائهم وانسجتهم عند وفاتهم، وفق “نظام افتراض القبول” أو deemed consent.
أي سيتم أخد أعضاءهم عند وفاتهم بشكل أوتوماتيكي لإنقاذ أخرين. ما لم يسجلوا انسحابهم مسبقًا. تسجيل الرغبة في الانسحاب مفتوح من الآن.
الشخص الذي يرفض التبرع بأعضاءه عند وفاته، عليه الدخول على الموقع الإلكتروني ومليء استمارة يعلن فيها انسحابه opt-out. أن لم يمليء استمارة عدم المشاركة، فهذا يعني أنه موافق على التبرع بأعضائه عند وفاته.
توجد بعض الاستثناءات في نظام افتراض القبول. اذكر “بعضها” على سبيل المثال: من هم أقل من 18 عاما، من يفتقرون إلى القدرة العقلية على فهم هذه التغيرات، من لم يقضوا في بريطانيا أخر 12 شهرًا على الأقل قبل الوفاة.
استفسارات
الهيئة المختصة بعملية التبرع بالأعضاء في انجلترا خصصت أرقامًا هاتفية لمن لديه استفسارات. بعض الأسئلة التي نشرت تتعلق بعملية الدفن، والجنازة، والغسل إسلاميًا مثلا، وأخر موعد للانسحاب أو الديد لاين، وإذا كان الشخص لا يرغب في التبرع بعضو معين، وموافق على أعضاء أخرى. واستفسارات أخرى تتعلق بديانات وطقوس المستفسرين.
النظام القديم
حتى أمس، كانت العملية معكوسة. من يرغب في التبرع بأعضاءه في حالة وفاته، عليه مليء استمارة الكترونية والتسجيل في الخدمة.
بعد التسجيل، يرسل له كارت أزرق اللون مكتوب فيه أن الشخص موافق على التبرع بأعضاءه في حال وفاته.
وكان ينصح الشخص بحمل الكارت معه دائمًا. فلو توفي في حادث مثلا، يمكن التصرف سريعًا وأخذ الأعضاء اللازمة. تسريع للإجراءات تزامنًا مع عملية التأكد من البيانات.
التعديل الجديد، عكس القضية. فمن لا يرغب في التبرع، هو من عليه بذل جهد التسجيل.
معوقات
القانون أخذ حقه في مناقشات امتدت لأكثر من عام.
طبق في ويلز عام 2015. وسيطبق في اسكتلندا لاحقًا هذا العام. أما ايرلندا الشمالية، فلا تزال تعمل بالنظام القديم.
هيئة الخدمات الصحية تقول أن التعديل الجديد سينقذ ملايين الاشخاص. لكن أطباء يقولون أن هناك صعوبة في تطبيقه بشكل موسع الآن بسبب فيروس الكورونا.
الحكومة تقول إن هذا التعديل سيؤدي إلى أكثر من 700 عملية زرع أعضاء إضافية كل عام حتى عام 2023.
ماكس وكيرا
القانون الجديد سمى على اسم الطفلين ماكس وكيرا.
الطفلة كيرا، ٩ سنوات، توفت عام 2017 في حادث سيارة. والدها سمح للأطباء بأخذ اعضاءها. لتنقذ كيرا حياة أربعة أشخاص من الموت، بما فيهم الطفل ماكس- ٩ سنوات أيضًا- والذي أخذ قلب كيرا.
عائلة ماكس وكيرا
وسائل الاعلام البريطانية تستضيف أمهات الطفلين وعائلتهما.
فرحة أم الطفلة المتوفية والتي انقذت بوفاتها أربعة اشخاص لا توصف.
كمية من المشاعر الايجابية وحب للبشرية تجعل أي شخص – مهما كانت قسوة قلبه يتأثر.
حتى أن الطفل ماكس تحدث عن قصته ومعاناته في الانتظار 200 يوم، حتى وصل له قلب كيرا. واصفًا كيرا بـ البطلة.
مصر
رغم كمية الطاقة الايجابية التي بثتها أم كيرا في نفوس من شاهدها او استمع لها، وتفاصيل القصة التي حكتها، والجهود التي بذلتها العائلتين للتوعية بأهمية القضية وحشد الناس لدعمها، إلا أني لم اتمكن من منع عقلي من استدعاء قضايا شهيرة في مصر ك “سرقة الاعضاء البشرية” و “تجارة الاعضاء البشرية”، بل وخطف أطفال لسرقة أعضاءهم البشرية.
شخصيًا
كنت قد اشتركت في الخدمة عندما كانت تشترط التسجيل. ووصلني الكارت بالفعل.
اعتبرت القضية “صدقة جارية”. ربما تخفف عني الكثير في الحياة الأخرى.
لكن وقتها كان يسيطر على سؤالين:
الأول: ماذا لو كان يشعر هذا الجزء مني بالحياة الجديدة التي يعيشها الشخص. وكأنه كتب علىّ الحياة مرة أخرى بكل ما فيها من مآسي. فقد اكتفيت. ولا أريد أن يمر بها جزء مني مرة أخرى. لكن ما دمت لن أشعر أنا بما أن الروح قد صعدت، فلا مشكلة لدىّ إذًا.
الثاني: هل يمكنني استثناء أشخاص بعينها من أخذ أعضائي حال وفاتي. فهناك بعض الأشخاص الذين ظلموني بشدة، ولست ملاكًا كي أنسى ظلمهم، أو أن أرغب في التبرع لهم بكلية أو بقلب أو حتى بقرنية بعد وفاتي.
فهل بعد كل هذا الظلم والضرر الذي تعرضت له على يديهم، هل بعد كل ما أخذوه مني عنوة وأنا على قيد الحياة، من الممكن أن يعاندني حظي التعس حتى بعد وفاتي ويأخذوا أعضائي لإنقاذ حياتهم!
– لست بالطبع كوالدة الطفلة كيرا. فهى بلغت من السلام النفسي، درجة لم اصل اليها انا. او ربما لم تقع هى في هذا الاختبار الافتراضي اصلا : ان تتبرع بقلب ابنتها لاكثر شخص اذاها مثلا. فهل كانت ستفعل ذلك ؟ الحمد لله اني لم اكن الصحفية التي تدير اللقاء اذا.
– تشعر والدة كيرا بسعادة وهى ترى قلب ابنتها يكبر في جسد طفل اخر. لكن هل سيكون هذا شعوري لو نمى قلبي في جسد أحد من هؤلاء الأخوة الأعداء ؟
– ربما كان على الهيئة المنظمة لعملية التبرع السماح لي بكتابة قائمة بهؤلاء الأشخاص الذين لا ارغب في التبرع لهم. وسيكون نصها اني موافقة على التبرع للجميع باستثناء هؤلاء الأشخاص س، ص، ع. ولا امانع لأي شخص غيرهم.
– بما ان عملية “انتقاء الاشخاص” غير متاحة. فلو حدث ما اخشاه، ربما تؤلمهم أعضائي وأنسجتي بنفس مقدار الالم والاذي الذي عانيته بسببهم. وتكون لعنة عليهم كلعنة الفراعنة مثلا. او ربما وقتها، اكون قد سامحت او حتى لا اهتم بهذه التفاصيل الدنيوية التي ستبدو صغيرة وتافهة وقتها.
نشرت الصحفية الدكتورة داليا الشيخ المقال كمنشور عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك
اقرأ أيضًا
“التعليم العالي”: عندنا 71 ألف حالة كورونا ونسبة الوفيات 4.8% وغير قابلة للتشكيك
السيسي: يجب القبض على مخالفي البناء وإزاي تبني جامع في منطقة مش بتاعتك
