دينا حسين تكتب .. رجال الأعمال والتكليف الرئاسي الإنساني
الأزمات بشكل عام كاشفة لمعادن الجميع، شعوبًا وحكومات. جانب من فوائد الأزمة لو جاز التعبير هو إظهار درجة الوعي الشعبي، وجاهزية الحكومات للتعامل السريع بقرارات واضحة. وقدرة ورغبة النُخب على الوقف إلى جانب الفئات الأبسط لتمر جائحة كورونا بأقل الخسائر على الجميع.
يقول “مايكل بشير” في مقدمة كتابة “الأزمات في السياسة العالمية”: “أدركت، منذ وقت مبكر، أن الاستقرار – سواء في النظام الدولي، أو في النظم السياسية المحلية، أو في التاريخ – هو قناع يخفي تحته سيطرة الأقوياء علي الضعفاء، وهيمنة الأغنياء علي الفقراء، وتأثير قوي الاستعمار علي مستعمراتها ومناطق نفوذها القديمة”
المعنى نفسه ألقى بظلاله على تصريحات رجال الأعمال في بداية انتشار فيروس الكورونا في مصر، واتخاذ الحكومة عددًا من الإجراءات لتقليل الأعداد في الشركات والمصانع، ومنح الموظفين الأكبر سنًا، وأصحاب الأمراض المزمنة إجازات خوفًا من العدوى.
بعد هذه الإجراءات تنصل عددًا من رجال الأعمال عن دورهم، وطالبوا العمال بالنزول والعمل. دون مراعاة لحق العمال في الحفاظ على صحتهم والمحافظة على أهلهم.
التاريخ يسجل للكبير والصغير، لكن في أزمة كتلك التي يعيشها العالم. تكفي كلمات قليلة لتنزل رجال الأعمال في حجمهم الحقيقي. يطالب أحدهم العمال بتحمل الخسائر لظرف عالمي. بينما يكتفي وحده لتحويل الأرباح إلى سبائك ذهب كما يتباهى.
لم تظهر الأزمة ضحالة التفكير والأنانية فقط، لكنها أظهرت أعراض مرضية لرجال الأعمال. أحدهم طالب بموت “شوية عشان البلد تمشي”. أخبار تكفي متابعتها لمعرفة أن التعليم ليس كل شيء. وأن موت القلوب والضمائر لا يرتبط بفئة معينة ولا حالة اجتماعية.
هذه الجائحة العالمية، وتعليمات المنظمة الدولية، وأرقام المصابين والوفيات في الدول المختلفة، لا تكفي رجال الأعمال أن يتوقفوا ـ لفترة قصيرة ـ عن زيادة أرصدتهم في البنوك!
على جانب آخر، وبعد فترة ترقب وصمت، أو بالأدق بعد حديث الرئيس عن عدم قبول تسريح موظفي القطاع الخاص، أو المساس برواتبهم في هذه الظروف. بدأ رجال أعمال مخاطبة الدكتور مصطفى مدبولي لتلقي تبرعات لدعم خطة الدولة، ومحاولة السيطرة على تفشي وباء كورونا.
وتراجع أحدهم عن تخفيض الرواتب للنصف، لكن القرار الأهم للحكومة نفسها بعودة العمال بكامل طاقتهم للعمل بالمواقع الإنشائية بالعاصمة الإدارية والعملين الجديدة وغيرها من المشروعات العملاقة للدولة المصرية. فهنا ينبغي الإشارة إلى ضرورة حماية هؤلاء العمال. وتوزيع المطهرات والكمامات عليهم. وتدريبهم على كيفية استخدامها.
مرور الرئيس السيسي على موقع ما، وتوبيخ وتعنيف المسؤولين عن عدم تسليم الكمامات للعمال، رسالة مهمة لكل وأي مسؤول عن مواقع العمل. هذه مسؤولية إنسانية وتكليف رئاسي بضرورة الحفاظ على العمال وضمان أن استمرار العمل بهذه المشاريع لا يجب أن يكون أبدًا على حساب صحتهم.
القطاع الخاص أيضًا يجب أن تفرض عليه الحكومة آلية واضحة لمراقبة توافر الكمامات، والمطهرات بالشركات. حتى لا يضاعف رجال الأعمال أرصدتهم على حساب صحة المواطنين البسطاء.
دينا حسين إعلامية ومقدمة برامج بقناة Nile tv بالتلفزيون المصري
اقرأ أيضًا
وزير التموين يحدد مواعيد عمل المخابز خلال شهر رمضان
مجلس الوزراء: لن يتم توصيل مرافق للعقارات المخالفة مستقبلًا تحت أي ظرف