رضا عبد السلام يكتب .. دا عاجز
رضا عبد السلام يكتب: هذه الكلمة التي تسمعها في الشارع أو في المدرسة، أو في وسائل النقل تُقال لمن يظهر عليه أنه فاقد لعضو من أعضائه، أو حاسة من حواسه وتصدر من لسان قائلها تعاطفًا. وغالبًا ما تكون بوجه عتليه مسكنة، وأحيانًا مصمصة للشفاه بهذه الصيغة. دا عاجز.
ولا يدري من ينطق بها أنها كوخزة إبرة في عين من قيلت له عاجز، أقرب إلى الميت الذي لا حراك له.
وهو في هذا الموقف لا يستطيع أن يرد عن نفسه لأنه لو فعل لانبرت ألسنة الناس حوله تلهبه بعبارات الاستهجان؛ لأنه تمرد على من يتعاطف معه أو على الأقل نال من لوم الأعين بنظرات لا تروق له.
أعلم أن هذه العبارات تكون تعبيرًا عن مساندة نفسية ومساعدة شعورية من قائلها، لكنه لم يتخذ السبيل الصحيح.
فذكرها في هذه المواقف تكون شديدة الصعوبة عليه، وخاصة عندما يكون في مجتمع أو حينما تقال في مواقف الحاجة التي يحتاجها هذا الشخص.
ولو رجعنا لذكر القرآن، نجد أن الله ذكر لفظ العمى في مواضع ذكره في مجال التكريم. عندما يذكر منقبة من مناقب هذا الذي ابتلاه بالعمي. وفي أحيان أخري، يذكره في مجال تصوير من انغلق قلبه عن الإيمان والتقي فيصفه بهذا الوصف.
وقد وردت هذه اللفظة في مجال التكريم والتعظيم في سورة عبس، عندما عاتب الله نبيه صلّ الله عليه وسلم في أمر الصحابي عبد الله بن أم مكتوم، عندما أعرض عنه وهو يحاول مع كفار قريش ليدخلهم الإسلام. فنزلت الآيات في هذه الواقعة ترفع من قدر هذا الصحابي، وتذكر لفظة “الأعمى” في مجال التكريم والتبجيل.
“عَبَسَ وَتَوَلَّى (1) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (2) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى ”
ثم لم يتوقف الأمر عند ذلك، بل إن الله يعلم ما في نية هذا الأعمى وسعيه المشكور فقال: “وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (8) وَهُوَ يَخْشَي”.
فوصف الله حاله بالخشية من الله والخوف منه.
وهذا يعلمنا أننا في مجال التكريم ،نذكر أن هذا الذي ابتلاه الله بهذا العجز استطاع الوصول إلي أعلي درجات النجاح. هنا يكون الذكر محمودا مشكورا. أما سوي ذلك، فلا يكون مشكورًا ولا محمودًا. بل يكون إهانة لهذا الإنسان.
والإعلام له دور مهم في هذه القضية، كذلك الفن والدراما في كيفية التعامل مع هذه الفئة، وعرض مشاكلهم والبحث عن حلول لها.
ولابد أن نقول إن الدراما في تناولها لهذه القضية في أغلب صورها سلبية، حيث غالبا ما تأتي بهذه الصور في مجال السخرية والكوميديا التافهة الرخيصة. كالدراما التي تستخدم قصار القامة في الاستهزاء والسخرية. أو تصوير العميان بشكل لا يليق، وهذا لابد من التصدي له بتشريعات تحفظ لهؤلاء حقوقهم الإنسانية.
دا عاجز!
يجب ألا نسمعها. ويجب أن ندفع من يردد هذه الكلمة بهدوء. ويجب أن نراعي أن هذه الكلمة تصيب من قيلت له في قلبه ونفسه، حتى ولو قيلت بصيغة عطف أو شفقة.
ختامًا، فلنتعامل بالإنسانية التي تجعل الناس جميعا إخوة متساوين، لأفضل لأحد على أحد إلا بالتقدم في الأخلاق أو العلم.
اقرأ أيضًا
بالمستندات.. “التعليم” تصدر قرارات لتطبيق قانون ذوي الإعاقة بالمدراس
بالمستندات.. “التعليم” تصدر قرارات لتطبيق قانون ذوي الإعاقة بالمدراس