رضا عبد السلام يكتب .. وظائف محرمة علي ذوي الإعاقة!
قبل أن أتحدث في هذا الموضوع سأحكي حكاية قصيرة لعلها تكون تمهيدًا مهمًا لهذا المقال. بعدما أنهيت كلية الحقوق وكنت من المتفوقين فيها جهزت أوراقي للتقديم في النيابة العامة كما يفعل خريجو كلية الحقوق الذين تنطبق عليهم الشروط وفي بهو دار القضاء العالي المهيب كنا نسلم الأوراق لبعض الموظفين وكان معي أحد زملائي وعند عرض أوراقي على الموظف نظر لي بنظرة اختلطت فيها مشاعر الإشفاق، والعجب، وعدم الاهتمام، وفجأة بعد أن تسلم الملف قام من على مقعده ووضع يده على كتفي وربت عليه وخطا خطوات وقال هذه العبارة التي خرجت منه بعفوية المشفق على هذا الفتي من التعب بلا فائدة وقالها بعامية مصرية مؤثرة
” يابني ماتتعبش نفسك مش هايخدوك مابيقبلوش معاقين”
كانت صدمة لكنها كانت كاشفة لي عن مجتمع لا يعترف بك فيجب أن تثبت ذاتك والحمد لله قد حدث في مكان آخر بعد ذلك
لكن هذه الحكاية تفتح موضوعًا مهمًا لابد من حوار مجتمعي بشأنه والسؤال بوضوح
لماذا يحرم ذوو الإعاقة من بعض الوظائف؟
الدستور في المادة 9 يقول: “تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، دون تمييز”.
وفي المادة 14: “الوظائف العامة حق للمواطنين على أساس الكفاءة، ودون محاباة أو وساطة”.
هذا كلام واضح وصريح تكافؤ الفرص دون تمييز والوظائف العامة حق للمواطنين علي أساس الكفاءة
تعالوا لنقرأ في المجتمع الذي نعيش فيه حوادثه وأيامه
حرام على ذوي الإعاقة الوظائف الكبرى فما رأينا وزيرًا من ذوي الإعاقة، ولا رأينا قاضيًا من ذوي الإعاقة، ولا رأينا في أي مكان من مصر كرسي من كراسي الوظائف العليا يجلس عليها واحد من ذوي الإعاقة
مفهوم أن بعض الوظائف تستحيل على بعض الناس عمومًا؛ لعدم قدرتهم على القيام بمهام هذه الوظائف وهذا عام بالنسبة للجميع لكن مع ذوي الإعاقة هي محرمة من الأساس دون نظر إلى قدرته أو عدم قدرته على الرغم من أن المنطق المقبول في هذه القضية أن يجتاز كل متقدم الاختبارات لكي يعين في هذه الوظيفة وأذكر في الحكاية التي بدأت بها المقال أنني قلت لهذا الموظف أنا أتحرك كما تري وأكتب بنفسي ومن أوائل دفعتي ولا يوجد ما يمنع فأعاد الرجل على العبارة مرة أخرى.
وسأضرب من التاريخ اثنين من الأمثلة الأول من الماضي المشرف لهذه الأمة بل في زمن التقعيد لكرامة البشر والثاني في العصر الحديث في بلاد تحترم الإنسان وتعطي له الفرصة للنجاح وللعطاء
المثال الأول من عهد الرسالة حيث تعليم الأمة والتشريع لها عبد الله بن أم مكتوم الأعمى.
قال ابن عبد البر: روى جماعة من أهل العلم بالنسب والسير أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم ثلاث عشرة مرة في الأبواء وبواط وذي العشيرة، وغزوته في طلب كرز بن جابر، وغزوة السويق، وغطفان، وفي غزوة أحد، وحمراء الأسد، ونجران، وذات الرقاع، وفي خروجه من حجة الوداع، وفي خروجه إلى بدر
ومعني استخلفه جعله أميرا علي المدينة في المدة التي تركها فيها أي يحكم بين الناس ويقضي بينهم ويصلي بهم ويقوم علي كل شئون المدينة وهذا اختيار صاحب الرسالة نفسه صلي الله عليه وسلم
المثال الثاني من عهد تحترم فيه الإنسانية عند غيرنا ويقدم الأكفأ ولو كان أعمي هذا المثال من انجلترا
دافيد بلانكيد الوزير الكفيف في حكومة بلير اقرؤوا معي
شغل عددا من المناصب عندما كان حزب العمل في المعارضة، ولكن في عام 1997عندما ترأس بلير الحكومة تولى ديفيد منصب وزارة التعليم والتوظيف في مجلس الوزراء، وبعد أربع سنوات لاحقة تولى منصب وزير الداخلية (المسؤولة بشكل كامل عن القانون والنظام، والعدالة الجنائية، والهجرة ومكافحة الإرهاب) وتولى لفترة قصيرة كامل المسؤولية عن الرعاية الاجتماعية، والضمان الاجتماعي والتقاعد.
كلا المثلين درس في احترام الكفاءة وتقدير المسئولية وتقديم الأنسب للنجاح والتفوق ودرس كذلك في المساواة بين البشر
فالحضارة التي وضع قواعدها الإسلام جعلت علي مر تاريخه أفذاذا كموسي بن نصير الأعرج الذي فتح أفريقيا وأبان بن عثمان كان لديه ضعف في السمع ومع هذا كان عالما،ً محمد بن سيرين كان ذا صعوبة سمع شديدة ومع هذا كان راوياً للحديث القاضي عبده السليماني, وسليمان بن مهران الأعمش
هي نفسها الحضارة التي يسير عليها الغرب الآن بتقديم من تثبت فيه الكفاءة دون نظر إلي أي عارض من العوارض مادام لن يؤثرعلي قيامه بعمله وأداء مهام وظيفته
الوظائف العمومية بكل مستوياتها حق لمن يحمل الكفاءة ويقدر المسئولية
الأشخاص من ذوي الإعاقة لهم الحق في شغل كل وظيفة يحملون شروط النجاح والكفاءة والمسئولية فيها
اقرأ أيضًا
تفاصيل توجيهات السيسي للمشروعات القومية للكهرباء ومحطة الضبعة النووية
ماذا يحدث في الزمالك؟ .. إخلاء عقار وهبوط أرضي بسفارة البحرين
عطل بموقع تسجيل بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة
هل تبرع نجيب ساويرس لنادي الزمالك قبل الجمعية العمومية للنادي؟