صلاح فضل يكتب .. التصنيف الوطني للإعاقة إشكالية المفهوم وأزمة التطبيق
عود على بدء لموضوع ” التصنيف الوطني للإعاقة” الوارد بقانون الأشخاص ذوي الإعاقة رقم 10 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية، وهو تصنيف كارثي بكل المقاييس وردة حقوقية لا تعكس اهتمام الدولة بالأشخاص ذوي الإعاقة، فمنذ أن صدر قمت بنقده والرد عليه ودعوت إلى مناظرة علنية حول هذا الموضوع مع أي مسئول عن الإعاقة أو أي من أعضاء اللجنة التي قامت بوضع هذا التصنيف، وما زال جميعهم أحياء في مناصبهم يصدق فيهم قول القائل “لقد أسمعت لو ناديت حيا … لكن لا حياة لمن تنادي ” والموضوع يتعلق بحياة ما يقرب من خمسة عشر مليون معاق وذويهم .
والكلام عن التنصيف الوطني للإعاقة لا ينم فقط عن ردة وكارثة حقوقية وإنما ينم أيضا على غياب الرؤية الاستراتيجية لدى القائمين على شؤون الإعاقة سواء في المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة أو في وزارة التضامن الاجتماعي إلا أن الجزء الأكبر من المسئولية يتحملها المشرف على المجلس القومي لشؤون الإعاقة بصفته المثل الرسمي للمعاقين والمدافع عن حقوقهم.
ولكن الجديد الذي دفعني للحديث عن التصنيف الوطني للإعاقة ، فاثناء بحثي في موضوع التصنيف الوطني للإعاقة، توصلت إلى حديث السيدة /”جيزيلا نوك” رئيس قسم التنمية الاجتماعية الشاملة بمنظمة الاسكوا التابعة لهيئة الأمم المتحدة ، وهو حديث لا يمكن تجاوزه أو التغافل عنه وذلك أثناء الجلسة الأولى لمؤتمر ” تقييم الإعاقة وتحديدها كوسيلة لإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة بشكل أفضل في البلدان العربية”، الذي عقد بمصر واستضافه المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة خلال يومي 15،16ديسمبر 2019، بمشاركة العديد من ممثلي الدول العربية والاجنبية وكذلك عدد من الخبراء الدوليين العاملين في مجال الإعاقة باللجنة الاقتصادية والاجتماعية للأمم المتحدة بغرب آسيا “الاسكوا” وهو ما يزيد من أهمية كلامها وقيمته العلمية.
وكانت محاضرتها أثناء الجلسة الأولى للمؤتمر تحت عنوان ” سبل تحديد أشكال الإعاقة وفقا للتصنيف الدولي للأداء وعدم القدرة icf. ”
وأوضحت أن معظم الدول تجد صعوبة في تحديد ماهية المعاق، واشارت الي ان جميع الدول الاوروبية اعتمدت التصنيف الدولي لدعم حقوق المعاقين في مختلف المجالات وعلى كافة المستويات الاجتماعية و الاقتصادية.كما أن عدد من الدول العربية بدأت في تطبيق التصنيف لتوفير سبل الإتاحة وتحديد ماهية المعاق لدعمه وطالبت نوك بضرورة دعم الأشخاص ذوي الإعاقة بأسلوب متطور ومشجع. وطالبت جميع الدول العربية بضرورة اعتماد التصنيف الدولي icf للكشف عن عدد المعاقين في كل دولة وأنواع تلك الإعاقات ونسبها لتوفير الخدمات المهمة وسبل الإتاحة.
وأكدت ان دمج المعاقين في المجتمع ومحو النظرة الدونية لهم ضرورية لمنح المعاقين واحدا من أهم حقوقهم الإنسانية ولدعم المعاقين يجب أن نحدد من هم.
وبتحليل هذا الجزء المهم من محاضرة السيدة/”جيزيلا نوك” نضع أيدينا على عدد من الملاحظات المنهجية المهمة:
1- أن الدول الأوربية على ما تمتلكه من امكانيات علمية وبحثية متقدمة وعلماء وخبراء حقيقين في مجال الإعاقة إلا أنها لم تسعى لوضع تصنيف محلي للإعاقة خاص بها أو إقليمي على مستوى دول الاتحاد الأوروبي ، وإنما اعتمدت التصنيف الدولي للأداء وعدم القدرة ICF
2- اعتماد عدد من الدول العربية التصنيف الدولي للأداء وعدم القدرة ICF في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة ولم تسعى أيضا لإصدار تصنيف محلى للإعاقة.
3-دعوتها للدول العربية ومنها مصر لاعتماد التصنيف الدولي للأداء وعدم القدرة ICF.
4- لم تتطرق للحديث عن التصنيف الوطني للإعاقة الخاص بمصر وأرى أن في هذا إشارة لمخالفته للتصنيف الدولي للأداء وعدم القدرة ICF.
5- أن المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة لا تعتمد التصنيفات المحلية للإعاقة.
وهذه كلها تؤكد صحة الطرح الخاص بي فيما يخص التصنيف الوطني للإعاقة.
وخرج المؤتمر بعدد من التوصيات منها : عقد دورة تدريبية لتكوين مدربين وطنيين في كيفية اعتماد الICF.
وأكتفى بهذه التوصية وأتوقف عندها لأهميتها ودلالاتها ، لأطرح عدد من الأسئلة:
ما هو التصنيف الذي سيعتمده المسؤولون عن شئون الإعاقة في تصنيف الإعاقات ؟ هل هو التصنيف الدولي أم الوطني؟!
حتى الآن لا توجد أية مؤشرات لاعتماد التصنيف الدولي في مصر ، إذن ما فائدة عقد دورة تدريبية لتكوين مدربين وطنيين في كيفية اعتماد الICF، وإذا ما تم عقدها فأين مجالات تنفيذها؟!
ومن المثير للتعجب أن وزارة التضامن نفذت خطة تدريبة للأخصائيين الاجتماعين والنفسيين العاملين بمكاتب التأهيل الاجتماعي على مستوى الجمهورية على التقييم الوظيفي الخاصة بتشخيص ذوي الإعاقة والذي يعد جزءا من تقييم الأشخاص ذوى الاعاقة سواء من حيث النوع أو الدرجة التي نص عليها القانون رقم 10 لسنة 2018 ولائحته التنفيذية، ” التصنيف الوطني ” .
و توصيات المؤتمر تتناقض تماما مع هذه الخطة ! توصية بإعداد مدربين على التصنيف الدولي ! وتدريب وفقا للتصنيف الوطني!
تنقاض يؤدي إلى كارثة ينم عن غياب التنسيق بين المسئولين عن شؤون الإعاقة ” وزارة التضامن الاجتماعي والمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة .
تناقض ينم عن عدم إلمام القائمين على شؤون الإعاقة بالوضع الحقيقي لأحوال المعاقين وما يعانونه من مشكلات.
تناقض ينم عن افتقاد الرؤية العلمية المنهجية في التعامل مع شئون الإعاقة .
تناقض يثقل كاهل الدولة بمئات الملايين من الجنيهات التي تنفق دون تحقيق نتائج أو تقدم حقيقي في أحوال المعاقين.
تناقض ينم عن الافتقاد للرؤية الاستراتيجية لتحسين أحوال المعاقين.
بعد مرور عامين من انعقاد هذا المؤتمر في مصر نسأل المشرف العام على المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة عن :
مصير توصيات هذا المؤتمر هل تم تفعيلها أم لا ؟!
على أي اساس ستتم المراجعة الدورية للاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في مصر التصنيف الوطني أم التصنيف الدولي”؟!
ما موقف المجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة من مشكلة التصنيف الوطني؟!
وفي ظل هذا الوضع الكارثي نطالب الدكتور عبد الهادي القصبي رئيس لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب بالتدخل السريع لتعديل اللائحة التنفيذية لقانون الأشخاص ذوي الإعاقة و اعتماد التصنيف الدولي بدلا من التصنيف الوطني، فلعل صوتنا أن يصل ويكون سببا في إسعاد ملايين المعاقين .
دكتور صلاح فضل مستشار جودة التعليم والحياة للأشخاص ذوي الإعاقة
لمتابعة أخبار موقع نساعد عبر google news اضغط هنـــــــــــا ، صفحة موقع نساعد على الفيسبوك اضغط هنـــــــــا وموقع تويتر اضغط هنــــــــــــــا
اقرأ أيضًا
استخراج سيارة ذوي الإعاقة في يوم واحد .. تعرف على الخطوات
كلية علوم ذوي الإعاقة بجامعة الزقازيق تنظم احتفالية اليوم العالمي لأصحاب الهمم