محمد الحنفي يكتب .. يا من تغتالون حقوق وأحلام ذوي الاحتياجات
منذ عدة أشهر وعدت صديقي الدكتور “مفيد أديب” بالكتابة عن فكرته أو براءة اختراعه المهمة التي تفجر طاقات أكثر من 5 مليون شاب وفتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة.
وتوفر لهم عملاً منزلياً يدر دخلا شهريا يتجاوز الـ 3000 جنيها شهرياً للفرد الواحد.
والتي لم تر النور حتى الآن رغم “معافرته ” ورغم وعود وحماس من بعض الوزارات.
ورغم كون ” التوظيف ” أهم عائق يواجه هؤلاء المهمشين الذين يعانون تنمراً وتمييزاً مجتمعياً وبطالة تجاوزت نسبتها الــ 95 % رغم طاقاتهم الإنتاجية الجبارة.
ثم أدلف منه إلى تناول مشكلات هذه الفئة التي تحتاج من الجميع نظرة حانية “ثانية” تخفف عنهم وعن أسرهم .
وقولي “ثانية” مقصود دون شك، بعد أن طويت أشهر وأيام 2018عام وهو العام الذي حمل اسم “ذوي الاحتياجات الخاصة “.
وشهد إصدار قانون لهم بتعليمات ورعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي لكن القانون أصبح ” مُعطَّل” بكل أسف.
رغم تأكيدات الرئيس على الاهتمام بهم، ودعمهم في مشوار معاناتهم الحياتية.
لكن روتين العمل الحكومي يقتل أي حماس وكل حلم يخص المعاقين في مصر !
في كل مرة كانت تطفوا على السطح أحداث أكثر سخونة تدفعني لتأجيل الكتابة والاعتذار للصديق لعزيز.
لكن الزميلة إيمان النجار الصحفية المتميزة بمجلة المصور حمستني للكتابة هذا الأسبوع.
بعدما قرأت لها “بوست” إنساني رائع على صفحتها بالفيسبوك.
أزمة شاب من ذوي الاحتياجات الخاصة
تحكي فيه بحب شديد وفخر عن شقيقها الأصغر محمد ـ 28 سنة ــ الذي ولد يعاني صماً أو ضعفاً شديداً في السمع.
وكيف تغلب على إعاقته ليكون نموذجاً مشرفاً للتفوق الدراسي والرياضي.
فقد حقق محمد المركز الأول على مستوى الجمهورية في دفع الجُلة لثلاث سنوات متتالية من خلال مسابقات التوجيه الرياضي التابعة لوزارة التربية والتعليم.
إلى جانب بطولات أخرى في الكشافة، ودورات تدريبية متقدمة في الكمبيوتر، وشهادات تقدير كثيرة من جهات متعددة.
فضلاً عن هواية ركوب الدراجات، التي يقودها يوميًا لمسافة 80 كيلومتراً.
ذهابًا وإيابًا من قريته ” الصافية، مركز دسوق محافظة كفر الشيخ “، حتى مقر عمله بائعاً بأحد المحلات هناك.
ورغم ذلك لم يحظ بفرصة لائقة مضمونة تعينه على مصاعب الحياة وهو شاب متزوج ويعول أسرة.
شأنه شأن الآلاف وربما الملايين من ذوي الاحتياجات الخاصة !
ثم تبنت الزميلة فاطمة قنديل الصحفية النشيطة المسئولة عن ملف وزارة الشباب والرياضة بمجلة المصور مشكلة محمد.
وطرحتها على الوزير المحترم الدكتور أشرف صبحي الذي وافق مشكوراً على تعيينه بمركز شباب قريته الصافية ”
لا شك أن تشغيل ذوي الاحتياجات الخاصة، قضية كبيرة ليست قاصرة على مصر وحدها بل تواجه دول العالم أجمع.
ولا أبالغ إذا قلت أنّ فرص العمل بالنسبة لهم تكاد تكون معدومة.
رغم أحقيتهم في الحياة والعمل مثلنا وقدرتهم على الإنتاج، وانتماء معظمهم لطبقات فقيرة ويمثلون عبئا ثقيلاً يستوجب رفعه عن كاهلهم !
المذهل أن عدد هذه الشريحة تجاوز الــ 200 مليوناً في العالم منهم أكثر من 12 مليونا بمصر.
وهي أرقام رهيبة دون شك، تستدعي تبني مشاريع تناسب ظروفهم الصحية.
تسبقها إقامة مراكز تّأهيل يتعلمون فيها القراءة والكتابة، والتّعامل والاندماج مع المجتمع.
فضلاً عن تنمية مواهبهم من خلال دورات مقسمةً وفق نوع الإعاقة والإمكانية وميول الشّخص المعاق.
ويجب أيضاً تنبيه الأهل ومساهمتهم بالمساعدة أثناء التّدريب.
وإعطائهم شهادات تمكنهم من ممارسة العمل عبر مكاتب متخصصة توفر لهم فرص عمل وفقاً للشّهادات الممنوحة من معاهد التّدريب.
ويجب أن تفعل القوانين الملزمة بتحديد نسبةً لتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة وإن كانت لا تتعدى واقعياً 2% من نسبة الموظفين.
والأجدر تأهيل المجتمع على قبولهم وتغيير نظرته السليبة نحوهم و إتاحة فرص العيش الكريم لهم بدلاً من تنمره وعدم الاعتراف بقدراتهم الإنتاجية !
مفاهيم ذوي الاحتياجات الخاصة
لقد تعددت المفاهيم الخاصة بذوي الاحتياجات الخاصة. فهناك فئة من المتخصصين أوضحت أنهم مجموعة من الأشخاص.
يحتاجون لمعاملة خاصة حتى يتمكنوا من استيعاب الأمور التي تدور حولهم نتيجة إصابتهم بنوع من الإعاقة حرمتهم من التأقلم.
وممارسة شئون حياتهم مثل الأصحاء.
وعَرَّفَت هيئة الأمم المُتّحدة ذوي الاحتياجات الخاصّة بأنّهم الأشخاص الذين يُعانون حالة دائمة من الاعتلال الفيزيائيّ أو العقليّ في التّعامل مع مُختلف المُعوّقات والحواجز والبيئات.
ممّا يَمنعهم من المُشاركة الكاملة والفعّالة في المُجتمع بالشّكل الذي يضعهم على قَدَم المُساواة مع الآخرين.
كما ذكرت مُنظّمة الصحّة العالميّة في موقعها أنّ الإعاقة مُصطلح جامع يضمّ تحت مِظلّته الأشكال المُختلفة للاعتلالات أو الاختلالات العضويّة.
ومَحدوديّة النّشاط، والقيود التي تَحدّ من المُشاركة الفاعِلة، في الوقت الذي أثبت المختصون امتلاك هؤلاء المعاقين قدرات إنتاجية وإبداعية جبارة وجب استغلالها أو الاستفادة منها !
ولعل المشروع الفني الذي أقامته عام 2015، السّيدة الماليزية هازليت موحد هاتا، المصابة بالشلل نتيجة تعرضها لجلطةٍ دماغيّةٍ.
وأسمته سوق الفن، و قامت فكرته على فتح معارضٍ لفنانين ومبدعين من ذوي الاحتياجات الخاصة كان خير برهان على قدراتهم وإمكاناتهم.
بعدما حقق نجاحاً عظيماً، وفي مدينة بروكسل أُقيم مطعم سمى ب 65 دوجري، يعاني معظم العاملين فيه من متلازمة داون.
ونال المطعم المركز الأول وشُهد له بأنّه الأجود من بين أكثر من ألفي مطعمٍ أصحابها من الأصحاء !
أعود إلى فكرة أو مشروع صديقي الدكتور مفيد أديب المهموم بهذه الشريحة من البشر رغم أنه يعمل في مجال المقاولات ولا يعاني أية إعاقة.
لقد ولدت الفكرة في رأسه عندما كان يتصفح الإنترنت، حيث شاهد ماكينات يدوية لتشكيل المعادن ولفت نظره صغر حجمها.
وهي تشكل شرائح من الصاج السميك، والمعروف عن تشكيل المعادن أنها تدمج مع كل الصناعات الأخرى.
حيث تُكون منتجاً نهائياً بعد دمجها مع صناعات مثل الأخشاب والحديد والرخام والزجاج وأنواع أخرى كثيرة.
ومن مميزات هذه الماكينات سهولة استخدامها فقد وجد أنها تلائم المجهود القليل ولا تحتاج لمساحة أو ورشة للعمل بها.
بل يمكن وضعها على منضده صغيرة يمكن العمل عليها، كما فكر الرجل في تطوير هذه الماكينات لتضع الأخشاب والبلاستيك في مرحلة قادمة.
مشروع ذوي الاحتياجات الخاصة
فضلاً عن توفير أنواع من المكابس الصغيرة لصناعة المنتجات المكملة للصناعات مثل الصامولة والوردة .
من هنا أراد أن يوظف إمكانيات هذه الماكينات الصغيرة ويعيد تصميمها كي تناسب الأشخاص الذين ليس لديهم قوة بدنية.
أو مجهودهم ضعيف أو حركاتهم ثقيلة مستغلاً خبرته في مجال الصناعة.
فوجد ضالته في ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تجاوز عددهم 12 مليون معاق.
وبالفعل نجح في إعادة تصميم هذه الماكينات لتتناسب مع حالات الإعاقة المختلفة.
وأصبح بمقدور الكفيف أيضاً أن يعمل عليها دون مجهود كبير منه سوى التعلم عليها فقط.
لقد نفذ تجربته على سبع حالات متنوعة الإعاقة و فوجيء بإنتاج مبهر أعطاه التأكيد على ضرورة تدخل الدولة وتبنيها المشروع.
حيث أن المنتج الفردي الذي يحققه المعاق الواحد من هذه الماكينات يحتاج من 15 إلى 20 شخصاً سليماً حتى يدمجه ويجمعه ليصبح منتجاً نهائياً.
وإن تحقق ذلك ستكون مصر أول دولة تتبنى أضخم مشروع صناعي عالمي للمعاقين!
فهذه تجربة لا شبيه لها في العالم، ودورتها تختصر في مراحل محدودة تبدأ من تصنيع الماكينات.
وتوزيعها على المعاقين مروراً بتوزيع الخامات اليومية لشرائح الصاج ثم شرائها منهم وإدماجها مع باقي الصناعات.
وتجميعها في صناعة واحدة أو منتج نهائي تقوم بتقفيله المصانع الكبيرة، ليصبح منتجاً جاهزاً للتسويق والتصدير.
وأشار الدكتور مفيد أنه التقى وزيرة التضامن الدكتورة نيفين القباج التي تحمست لمشروعه ووعدت بتبني ألف حالة وأمرت بفتح معارض الوزارة لإنتاجهم .
وعند سؤاله عن الجدوى الاقتصادية لهذا المشروع أجاب بأنه سيوفر على ميزانية الدولة قيمة معاش تكافل وكرامة حيث إن 12 مليون معاق سيكون دخل الفرد الشهري منهم حوالي3000 جنيهاً.
مما يجعلهم لا يحتاجون لهذا المعاش بل بالعكس ستُحصل الدولة من هذا المشروع على ضرائب دخل من المنتج النهائي.
ولكن ماذا عن تكلفة المشروع والجهات الداعمة و الممولة له ؟
قال الرجل إن تكلفة الماكينة الواحدة تصل إلى 25 ألف جنيه يمكن أن تنفذها وزارة الإنتاج الحربي وتمولها وزارتا التضامن من خلال بنك ناصر الاجتماعي.
والصناعة من خلال جهاز تنمية المشروعات، وقطاع البنوك الوطنية على رأسها بنكي الأهلي ومصر.
ويمكن أن يبدأ المشروع بألف حالة ثم مليونا وهكذا حتى يتم توظيف جميع متحدي الإعاقة بمصر .
شكراً للدكتور مفيد أديب وتحية لكل من يفكر ويهتم بذوي الاحتياجات الخاصة وعلى رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ودعوة أقدمها للبنوك المصرية ولرجال الأعمال المصريين الشرفاء ليتبنوا تمويل المشاريع الصغيرة لمتحدي الإعاقة دون فوائد .
ودعاء من القلب ضد كل من يتنمر بهم ويقتل أحلامهم ويحرمهم من حقهم في العيش والعمل.
نشر الكاتب الكبير محمد الحنفي المقال بمجلة المصور
اقرأ أيضًا
ذوي الهمم بقر و متخلفين .. طبيب مصري يهاجم ذوي الإعاقة الذهنية خلال بث مباشر
ما هي حقوق ذوي الإعاقة بالدستور المصري والقانون رقم 10 لعام 2018؟