سلايدر

“هويدا”.. أم من المدينة الباسلة تراهن بإرادة ابنتيها الكفيفتان وتقهر الظلام

 

 

حملت بين ضلوعها جينات مدينتها الباسلة، السيدة هويدا الأم بنت بوسعيد، كانت مصباح أضاء لابنتيها الكفيفتان، فنجحوا بجهد والدة تستحق الشكر، وباتوا قدوة لكل ذوي الإعاقة البصرية والأصحاء في آن معًا.

“مريم أتولدت ومكنتش أعرف أن عندها مشكلة لغاية 5 شهور” في إحدى ليالي العام 2005 وعقب خمسة أشهر من مولد الطفلة، علمت الأم القاطنة بمحافظة بورسعيد، أن ابنتها الوسطى صاحبة الـ 15 عامًا لديها ضمور بصري ولم تستطع الرؤية، في بدء الأمر كانت الصدمة هي رد فعل الأم ولكن الأمر لا يتجاوز سوى أيام قليلة.

بدأت الأم هويدا تروي لـ”نساعد” كيفية تعاملها مع الأمر الذي يمثل صدمة لدى البعض “في الأول كانت صدمة بس ما أخدناش وقت كبير، عمرك ما تتخيلي أن يتولد ليك طفلة كفيفية لأن أنتي متعرفيش العالم دا عايش إزاي، وكان أعظم همي أن الدنيا هتتقبلها إزاي”، ومن ثم بدأت رحلة الأم للبحث عن علاج أملًا في أن تبصر ابنتها، بينما كان دون جدوى. على الفور قررت الأم البحث عن بدائل لكي تسير حياة ابنتها بوتيرة طبيعية “قررت أن أربيها زي أخوها بالظبط لا هدلع ولا هقسي عشان تقدر تتعايش مع الحياة”.

البحث عن بدائل مثل تحد أمام الأم؛ نظرًا لعدم وجود رياض أطفال بمكان سكنها يقبل المكفوفين، فبدأت تعلم مريم الكتابة والقراءة بواسطة المجسمات، ثم التحقت بالصف الاول الابتدائي بمدرسة النور للمكفوفين، وفي تلك الآونة ظهر أكثر المواقف صعوبة أمام هويدا والدة مريم “أنا مبلغتهاش أنها كفيفة، وأخوها بيسأل هي ليه مش بتكتب وترسم زيي، وفي يوم من الأيام كنا في عُمرة وكان عندها 6 سنوات وقالتلي ياماما أنا عرفت أن أنا مش زي أخويا، أنا مش شايفة الشباك زي ما هو شايفه”.

واجهت الوالدة المجتمع بابنتها الكفيفة بتنمية مواهبها، فبدأت تتعلم السباحة مع شقيقها الذي يكبرها بعام، وفي عمر الثمانية، اكتشفت الأسرة حب الابنة للعزف على آلة البيانو “كل اللي علّم مريم قال أنها موهوبة وهتبقى حاجة كبيرة”، وبالفعل اثبتت مريم جداراتها وبدأت بمشاركاتها في المسابقات على مستوى محافظة بورسعيد.

وجدت الأم والأب مريم وحيدة، فقررت الأم إنجاب شقيقة تشاركها الحياة وبالفعل رزقت الأم بالطفلة “جودي” عقب الوسطى بتسع سنوات، وباحت الأم “عمر ما جاه في بالي أن الموضوع هيتكرر تاني أتولدت جودي ومن أول يوم كنت عايزة اطمن عليها ،وكشفت وعرفت أنها كفيفة”

“إزاي هقابل المجتمع ببنتين عندهم مشكلة في البصر” هكذا فكرت الأم بذلك المنطق للحظات وسرعان ما تقبلت الأمر بنفسِ راضية “حسيت أن ديه هدية من ربنا ومنحة لينا” لاحظت الأم موهبة الغناء لدى صغيرتها منذ نعومة أظافرها عندما كانت تغني مع شقيقتها “كانت بدندن ومكنتش أعرف أنها عندها موهبة ولكن واحد صديقنا مهتم بالمزيكا سمعها وقالي أن جودي موهوبة وصوتها فيه نغم”. اهتمت الأسرة بموهبة جودي وحققت نجاح باهر “كانت أصغر مشاركة في مسابقة لذوي القدرات الخاصة  وكان عندها 3 سنين وأخدت مركز أول”.

قادت الأم الحاصلة على بكالريوس تربية تخصص علم نفس مسيرة الطفلتان الكفيفتان، لتنتقل خارج نطاق سكنها إلى القاهرة؛ للاشتراك بحفلات دار الأوبرا المصرية، وعملت على تنمية موهبة الوسطى “مريم دلوقت بدأت دراسات حرة بكلية التربية الفنية بالزمالك وكمان بتاخد كورسات لغات”. قررت مريم تَعلم النوتة الموسيقية حتى لا تعتمد على السماع فقط خلال العزف، فبادرت الأم على الفور وتذهب بها أسبوعيًا من بورسيعد للقاهرة، كما درست مريم منهج كلية “ترينتي” بـ”دبلن”.

موازاة لذلك تعمل الأم على تنمية مهارة ابنتها الصغرى “جودي” الموهوبة بفنون التمثيل والتقليد والحكي، حتى شاركت في مسابقات وحفلات كثيرة، وحققت مراكز أولى على مستوى الجمهورية في مهرجان الإبداع الفني، وملتقى بكرة أحلى لوزارة الثقافة والملتقى الدولي للفنون أولادنا. بينما ذكرت الأم أكثر مواقف يزعجها “كلمة يا يعيني وربنا يشفيهم أكتر كلمة بتوجعني ومش برد عليها”.

“المحنة اللي أنا فيها ربنا خلهالك منحة وكل نجاح بعديه وكل واقفة على المسرح و الدمج بالمجتمع عن طريق أنهم يكونوا موجودين وناجحين” هكذا عبرت الأم بصوت يعلوه السعادة عن عطايا الله وتعويضها بنجاح ابنتيها، ذاكرة أن ابنتها الصغرى كانت بطلة كليب “أيوه أقدر” في مبادرة وزارة التربية والتعليم لدمج ذوي الاحتياجات الخاصة، كما شاركت بأغنية “قادرين نعملها” التي تم عرضها في حفل قادرون باختلاف أمام الرئيس عبدالفتاح السيسي، كما تم تكريم “مريم” و”جودي” من قبل مجلس الوزراء في اليوم العالمي العصا البيضاء.

“مريم نفسها تقابل عمر خيرت وتدخل كلية الإعلام بالجامعة الأمريكية” وجودي نفسها تمثل مع أحمد أمين وأحمد حلمي” هكذا أجابت السيدة هويدا عن السؤال المتعلق بحلمها الذي لا ينفصل عن حلم ابنتيها مختتمة حديثها عن هدية عيد الأم ذلك العام “هديتي الحقيقية هي أي نجاح مريم وجودي بيحققوه”.

اقرأ أيضًا 

وزيرة الصحة: لانجبر الأطباء على مواجهة كورونا ويصعب تعقب الحالات بعد الألف مصاب

“أمومتي اكتملت بتعلم لغة الإشارة”.. قصة كفاح مع ابن أصم

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى