أماني عزام تكتب .. شهر رمضان بين ذكريات زمان والآن
شهر رمضان له طقوس خاصة، وذكريات لا تُمحى مهما طال الزمن، لكن يراودني دائمًا سؤال حول تغيير العادات، أو استمرارها بأشكال مختلفة لم تعد تحمل النكهة نفسها.
نحن جيل الثمانينات تعودنا على الاستمتاع بهذه الطقوس التي كادت أن تختفي، أو اختفى الكثير منها فعلًا.
هناك أجيالًا لا تعلم شيئًا عن هذه العادات، لا تعرف سوى أن رمضان شهر الامتناع عن الطعام طوال النهار، والسهر في الخيم والكافيهات ليلًا.
كنا نستعد لشهر رمضان بعمل الزينة بأيدينا من ورق الكراسات والكتب القديمة وعجينة النشا، وشراء فانوس لكل طفل.
كانت لتلك الأيام فرحة خاصة، نتظرها من العام للعام، اختفت في عصر التكنولوجيا بعد استبدال الزينة الورقية بأفرع اللمبات الليد، والفانوس الكارتون الكبير بالكهربائي.
أصبحت فوانيس الأطفال مجرد لعبة تتغنى بأي أغنية مشهورة، كان هناك فرحة مختلفة بصنع كل شيء بأيدينا.
كانت البساطة تحيط كل شيء حولنا، والأهل يقوموا بالتحضير للشهر بشراء كل اللوازم بعيدًا عن التكلف.
كل يوم في رمضان لا يخلو من لمة الأهل والأحباب. أطباق الحلويات المُتنقلة بين الجيران، صوت التراويح، انتظار مدفع الإفطار، الآذان بصوت الشيخ محمد رفعت، قرآن الفجر على إذعة القرآن الكريم. أيام لها رائحة وطعم ومذاق مُختلف. أيام رمضان زمان مليئة بالحب والدفيء والبركة في كل شيء رغم بساطة الإمكانيات وقلتها في ذلك الوقت. لكن كان هناك فرحة بالمتاح.
في رمضان تعلمنا احترام وتقديس الشهر الفضيل، أتذكر أني كنت ارتدي الحجاب وأنا طفلة احترامًا للشهر الكريم.
كان والدي رحمة الله عليه يستغل الشهر الفضيل لتحفيظنا للقرآن الكريم، ويخصص ساعة يوميًا قبل الإفطار لقراءة جزء يوميًا.
صلاة التراويح في المسجد لكل العائلة، وبعدها كنا نخرج للشوارع بالفوانيس مرددين “وحوي يا وحوي “. ونهاية الشهر الكريم لها مذاق آخر، الملابس الجديدة، وفرحة التجهيز للعيد، اجتماع العائلة لعمل الكحك بالمنزل.
أما الآن فأصبح الكثير يرددون “أنا مابقتش أحس برمضان زي زمان أو الملل من روتين رمضان”.
ملل في وجود مئات القنوات الفضائية، والمنصات الإلكترونية، وكل وسائل الترفيه الممكنة. ثمة عدم إحساس بروحانيات الشهر الفضيل. جيل صغير أمام شاشات الهواتف الذكية، عائلات تجتمع، ولكنهم ليسوا معًا كل فرد يتحدث مع آخرون في هاتفه الشخصي.
نلتقط صور الموائد ونتشاركها مع الأصدقاء ولا نشكر من قام بالإعداد وتناول الطعام معنا. الحقيقة أن رمضان لم يتغير، نحن من تبدلنا، وحياتنا أصبحت مزدحمة جدًا. افتقدنا البساطة، وقلت البركة.
أصبحنا في سباق مع الزمن، نواكب السرعة الرهيبة في كل شيء حولنا، الحقيقة نحن من صعب الحياة. لم نعود أولادنا علي طقوس الشهر الفضيل والفرحة به. ولكن مازالت لدينا الفرصة لنعيش أجواء حتي ولو بسيطة بعيدًا عن التكنولوجيا وصخب الحياة.
لدينا الفرصة للتمهيد لأولادنا واستعدادنا لقدوم أفضل شهور العام، بداية من شهري رجب وشعبان. وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال : “اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان”.
رمضان شهر عظيم، فلنتذكر تدريب أطفالنا عن الشعائر والعبادات فيه، نعودهم على الاتصال والزيارات وصلة الأرحام بعيدًا عن تطبيقات الهواتف الذكية.
لمتابعة أخبار موقع نساعد عبر google news اضغط هنـــــــــــا ، صفحة موقع نساعد على الفيسبوك اضغط هنـــــــــا وموقع تويتر اضغط هنــــــــــــــا
اقرأ أيضًا
إصابات أوميكرون .. “الصحة العالمية” تكشف موعد تراجع الإصابات
الصحة: إطلاق 10 قوافل طبية للكشف والعلاج مجاناً .. تعرف على التخصصات والمحافظات