رعاية من الحضانة إلى الشيخوخة .. جمعية “الأيدي المساعدة” الألمانية
إعداد وترجمة: يسرا عبد الله
ألمانيا واحدة من أكثر دول العالم التي تُولي اهتمامًا بالغًا بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة؛ حيث تحظى تلك الفئة هناك بحقوق كثيرة على كافة الأصعدة: الصحية والاجتماعية، بل والترفيهية.
يحمل ذوو الاحتياجات الخاصة في ألمانيا بطاقة تعريفية خاصة بهم، تتيح لهم الحصول على الكثير من الميزات في العمل والتعليم والأسواق والمسارح والمواصلات.
لكن الملفت للنظر أن تلك المكتسبات الكبيرة التي ينعم بها ذوو الاحتياجات الخاصة اليوم في ألمانيا، كانت في البدء ثمرة لجهود كثيرين من مُحبي العمل الأهلي؛ حيث كان المجتمع المدني سبَّاقًا في هذا المجال.
ومن أهم الجمعيات التي أولت ذوي الإعاقة اهتمامًا كبيرًا، جمعية “الأيدي المُسَاعِـدة” الخيرية؛ التي تعمل في مجال رعاية ذوي الإعاقات، والتي احتفلت في شهر أكتوبر الماضي بمرور خمسين عامًا على بدء أنشطتها.
في ستينيات القرن الماضي؛ كان الأطفال المعاقون في ولاية بافاريا الألمانية يُمثلون عبئًا على ذويهم لأن المجتمع كان يعتبرهم غير مؤهلين للدراسة والتعليم؛ لعدم وجود مؤسسات كافية هناك تقوم بهذا الدور. وإزاء ذلك اتفق مجموعة من آباء هؤلاء الأطفال في شهر أكتوبر من العام 1969م على تأسيس جمعية؛ غرضها دعم هؤلاء الأطفال ورعايتهم.
مع بدء العام 1970م جرى تأسيس روضة أطفال؛ كانت بمثابة مؤسسة علاجية أيضًا لتلك الفئة. ضمت تلك الروضة في البداية قرابة 30 طفلا؛ وكانت عبارة عن غرفتين مستأجرتين، وجرى إعدادهما كفصلين دراسيين. وفي العام الذي يليه، انضم إليهم أطفال آخرون، فقام هؤلاء الآباء بتأجير شقة أخرى في الولاية لرعاية أطفالهم المعاقين قبل سن الحضانة.
بعد عامين؛ تمكَّن القائمون على هذا الأمر من الحصول على تصريح من الدولة هناك؛ للاعتراف بهم كجمعية غير هادفة للربح لتأهيل أطفالهم من ذوي الإعاقات، وتأهيلهم للالتحاق بالتعليم. وإثر ذلك، أعلنت الجمعية عن حاجتها لمبادرات من المجتمع المدني لتمويل ودعم أنشطتها.
في العام 1992م؛ أنشأت الجمعية سكنًا للرعاية النهارية للطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي العام 2003م، ضمَّت السكن الطلابي وروضة الأطفال في مبنى واحد، وفي العام 2008م جرى الإعلان رسميًا عن إشهار جمعية “الأيدي المُسَاعِدة” في غرب ميونخ (ثالث أكبر مدن ألمانيا وعاصمة ولاية بافاريا)؛ كأول جمعية للمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة في الولاية.
وبمرور الأيام؛ جرى توسيع المبني ليستوعب أعدادًا أكثر من الأطفال؛ حيث تم افتتاح أربع مجموعات سكنية، تشمل أيضًا شققًا للموظفين العاملين في الجمعية. وبداية من عام 2018م جرى التخطيط لمبنى جديد؛ يضم: مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة من كبار السن، ومركزًا للرعاية النهارية؛ لتعليمهم بعض المهارات، لتكتمل بذلك أهداف جمعية “الأيدي المُسَاعِدة” في تعزيز ورعاية الأشخاص ذوي الإعاقات المتعددة. منذ الروضة وحتى الشيخوخة.
واليوم، صار المبنى الجديد مركزًا للتعليم المدرسي، ولعلاج الأطفال والشباب، ومركزًا لدعم ودمج البالغين. ويضم المبنى حاليا: 74 طفلاً ومراهقًا ملتحقين بمدرسة ذوي الاحتياجات الخاصة. كما يعيش فيه 54 شخصًا من المعاقين البالغين.
يشار إلى أنه يعيش في ألمانيا أكثر من 7.8 مليون شخص يعانون من إعاقات شديدة، وفقًا للمكتب الفيدرالي للإحصاء في عام 2017م. ويحصل كل فرد من هؤلاء على حقوقه الصحية والاجتماعية كاملة. ومما يجدر ذكره أيضًا، أن البرلمان الألماني “البوندستاج” كان قد وافق على تغيير القانون ورفع الاستثناءات. حيث لم يعد الأشخاص ذوو الإعاقة مستبعدين من الانتخابات، إلا للحالات التي يغيب فيها إدراك الشخص تمامًا، وبناءً على ذلك فقد شارك ذوو الاحتياجات الخاصة في الانتخابات الأوربية التي جرت في مايو الماضي.