محمد السيد صالح يكتب .. كرسي الملكة
كنت أعاني التهميش والتنمر في المدرسة. تعاملت مع ذلك بقوة وصبر وإيمان. انتصرت على إعاقتي وصادقت الكرسي المتحرك الذي هو جزء منى. انتصرت أيضا على الفقر وكل الظروف المحيطة بي. تعلمت السباحة، وأصبحت بطلة لمصر.
تفوقت في دراستي، والتحقت بالجامعة وهناك واجهت قسوة أشد تمثلت في رفض الاعتراف بتفوقي. وضعوا حواجز أمامي في كلية الآداب جامعة عين شمس كي يمنعوني من التعيين معيدة في قسم الاجتماع، رغم أنني كنت الأولى على دفعتي طوال سنوات الدراسة. لم أستسلم، وحاربت طويلا حتى تحقق حلمي وحلم عائلتي، إلى أن صرت الآن أستاذة في قسم الاجتماع بالجامعة.
شاركت في تظاهرة أمام أبواب البرلمان في 2009 بحثًا عن حقوقنا الطبيعية كمعاقين. لم أكن أحلم حينها بأن المس أبواب البرلمان. الآن أنا نائبة عن الشعب، وأفتخر بذلك. ساهمت في صناعة كثير من التشريعات، لكنى أفتخر بشكل خاص بمساهمتي في قانون ذوي الإعاقة الجديد والصادر في ديسمبر2017.
هذا تلخيص، وبتصرف مني، لما قالته نائبة البرلمان الدكتورة جهاد إبراهيم في مداخلة لها الثلاثاء الماضي. جلست بجوارها في ورشة العمل التي دعاني إليها وزير التعليم العالي الدكتور خالد عبد الغفار، بعد أن كتبت جزء من حكايات السبت الماضي عن حقوق ذوي الإعاقة بالجامعات. هو وزير متفاعل ودقيق. كان من المقرر أن يترأس فعاليات الورشة، لولا مشاركته في جولة الرئيس بدمياط، وأدارها بدلًا منه الدكتور عمرو عدلي، نائب الوزير.
شارك في الندوة عدد من نواب رؤساء الجامعات وممثلون عن جامعات القاهرة، وعين شمس، والإسكندرية، وقناة السويس، والمنصورة، وأسيوط. حصلت هذه الجامعات على شهادة الوكالة الأمريكية للتنمية حول كيفية التعامل مع متحدي الإعاقة، بعد أن تم تدريبهم على ذلك في عدد من الجامعات والمراكز الأمريكية.
المناقشات كانت صريحة وجريئة جدا من الجميع سواء من نواب البرلمان وفى مقدمتهم النائب عبد الهادي القصبي، زعيم الأغلبية، رئيس لجنة التضامن، والنائبة هبة هجرس، أيقونة متحدي الإعاقة تحت القبة، وكذلك من ممثلي الجامعات العائدين من الولايات المتحدة. كانت ملاحظاتهم صريحة جدا عن أوضاع ذوي الإعاقة في الجامعات، وإهمال حقوقهم الطبيعية لعقود طوية، وأن الأرض ممهدة الآن لنيل حقوقهم بعد الاهتمام الرئاسي غير المحدود بهم، ولتنفيذ مواد قانون ذوى الإعاقة، ولرغبة وزارة التعليم العالي والجامعات في ذلك. شاركت أنا والإعلامي طارق علام بطرح أفكارنا واقتراحاتنا في الموضوع بدقة ووضوح، قدر الإمكان. هناك معلومات جديدة وأرقام تفصيلية عن أعداد وظروف ذوي الإعاقة، حصلت عليها من الصديق الدكتور عادل عبدالغفار، المستشار الإعلامي للوزارة، سأعود اليها مجددا. هنا، أعود للدكتورة جيهان، جارتي في ورشة العمل، والتي أعجبني قوة عزيمتها في الحديث وهي تعقب على أحد المتحدثين: “كنت أحس بالعجز وأنا أدخل إلى أي مكان عام، من التي لا يتوافر فيها أماكن ممهدة للدخول على كراسي للمعاقين، مثل جامعتي أو معظم المباني الحكومية، أو هنا في وزارة التعليم العالي. كان يضطر البعض من الزملاء والأصدقاء أو الحضور ليحملوني للداخل إلى أن هداني تفكيري إلى قناعة مهمة جدا، أؤمن بها وهى: أن الملكة هي التي يتم حملها بالكرسي الذى تجلس عليه.. نعم أنا ملكة”.
جزء من مقال حكايات السبت، المنشور اليوم بجريدة المصري اليوم