دراسة توصي بإتاحة وسائل الإعلام لذوي الإعاقات المختلفة
كتب رامي محمد
قدم الباحثتان “هالة عطية شاهين وميرال يحي شبيلي” بجامعة جازان بالمملكة العربية السعودية، دراسة بهدف قیاس اتجاهات ذوي الإعاقة نحو متابعة وسائل الإعلام، وإشباع احتیاجاتهم منها.
واستخدمتا الباحثتان لتحقیق هدف الدراسة المنهج المسحی الاجتماعی؛ کونه المنهج الأکثر ملائمة للدراسة المیدانیة من خلال استمارة استبيان وزعت على عینة قوامها 100 شخص بمنطقة جازان.
توصلت الدراسة إلى وجود اهتمام واسع لدى ذوي الهمم بوسائل الإعلام، وأظهرت النتائج أن دوافع التعرض لوسائل الإعلام تترکز في البحث عن المعرفة والترفیه وجمع المعلومات، وکذلك بینت النتائج أن ذوي الاحتياجات الخاصة، یفضلون التلفاز عن باقي وسائل الإعلام الأخرى.
أما شبکة الإنترنت فقد أظهرت النتائج أنها تأتي في المرتبة الأخیرة نظرا لعدم توفر البرامج الضروریة التي تمکن شریحة کبیرة من المکفوفین والصم من التعامل معها.
وأوصت الدراسة بوضع احتیاجات ذوي القدرات الخاصة الإعلامیة فی أولویة السیاسات والخطط والبرامج التي تتبناها وسائل الإعلام المطبوعة والإلکترونیة، بحیث یخصص لهم مساحات وبرامج تلبي احتیاجاتهم وتشبع تطلعاتهم، وکذلك مخاطبة جمهورها من المکفوفین والصم بالأسلوب الذی یوفر لهم إمکانیة فهم محتوى الصحف أو المجلات، وکذلك تفعیل لغة الإشارة في البرامج التي تقدمها مع العنایة بتوحید رموزها حتى یتمکن المخاطبون الفهم والاستیعاب.
كشفت الدراسة عن تجاهل ذوي الإعاقة في كثير من البلدان النامية عند وضع الخطط وتقديم الخدمات، وخاصة الخطط والخدمات الإعلامية، فالرسائل الإعلامية سواء كانت عن طريق الوسائل المرئية أم المسموعة أم المقروءة غالبا ما توجه للأسوياء، وحتى البرامج الخاصة بالمعاقين في هذه الوسائل الجماهيرية توجه في الأصل للأسوياء، وقد تترجم لبعضهم عن طريق لغة الإشارة.
وحددت الدراسة مشكلة التعرف على الاحتياجات الإعلامية للذوي الهمم من فئتي الصم والمكفوفين في منطقة جازان ومعرفة طبيعة استخداماتهم لوسائل الإعلام الجماهيرية من صحافة وإذاعة وتلفاز وإنترنت، وتحديد مدى إشباع وسائل الإعلام لتلك الاحتياجات.
وتضمن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر عن الأمم المتحدة في عام 1948 على مواد مهمة، تؤكد على حق أي فرد في المجتمع في أن يعرف، ويعلم كل شيء يدور من حوله وكذلك حقه في أن يعلم عنه الآخرين، ومن ثم إرسال الحق في الاتصال دعائم جديدة تسير عليها جميع وسائل الإعلام تحتم عليها عدم استبعاد أي فئة في المجتمع من دائرة اهتمامها، وإذا كانت فئات المعاقين قد عانت صنوفا من الرفض وعدم الرعاية في العصور القديمة في ظل غياب القوانين التي تحمي حقوقهم وتضاؤل دور المؤسسات المسؤولة عن رعايتهم والذي انعكس بالتالي على أداء وسائل الإعلام، حيث
فرضت على ذوي الإعاقة عزلة إعلامية أو اتجهت لتصويرهم على أنهم أشخاص غير فاعلين .
ومثال ذلك الطور الأول لعلاقة المكفوفين في المجتمع بوسائل الإعلام ولكن مع مرور السنوات، ونمو الوعي في المجتمع العالمي بأهمية دور المكفوفين والدعوة لمشاركتهم في المجتمع مع سن القوانين التي تحمي حقوقهم وتعاظم دور المؤسسات المسؤولة عن رعايتهم أدى ذلك إلى تحول في أدوار وسائل الإعلام تجاه المكفوفين والذي مثل مرحلة نضج علاقة المكفوفين بوسائل الاعلام.
وهناك آراء مختلفة حول مسؤوليات وواجبات وسائل الإعلام تجاه المعاقين منها :
على وسائل الإعلام القيام بالتزاماتها تجاه الفئات الخاصة في إطار المسؤولية الاجتماعية للتعرف على مشكلاتهم وقضاياهم وكيفية حلها بطرق علمية ميسرة، وضرورة مراعاة أخلاقيات الممارسة الإعلامية من الصدق والموضوعية والدقة وتقديم صورة صحيحة وصادقة ممثلة لهذه الفئة، وتصحيح اتجاهات المجتمع نحو الإعاقة والمعوقين، وتكريم المعاق وزيادة الاهتمام به كعضو مهم في المجتمع، وتنقية وسائل الاعلام من الأعمال التي تتضمن الاستخفاف بهم.
وكشف نتائج الدراسة ما يلي:
أولًا: وسائل الإعلام سواء كانت مقروءة أم الكترونية تحظى باهتمام واسع من حيث التعرض رغم وجود التفاوت الواضح في درجة المتابعة والذي تحدده بالضرورة طبيعة الوسائل ونوع الإعاقة.
ثانيًا: التعرض لوسائل الإعلام يتم بطريقة انتقائية تتأثر بالعوامل الوسيطة كالاتجاهات والمعرفة والأدراك، بالإضافة إلى السمات العامة والاجتماعية والفردية، كما أن تأكيد التعرض للوسائل يستدل عليه من دراسة واقعه وحاجات الفرد منه والتي تجيب عن الأسئلة الخاصة المرتبطة بالرضاء والاشباع الخاصة بالوسيلة أو المفردات أو المحتوى.
ثالثًا: دوافع التعرض لوسائل الاع٥لام تتركز في البحث عن المعرفة والترفيه وجمع المعلومات؛ حيث أظهر أفراد العينة اهتماما كبيرا بالمعرفة والثقافة والإطلاع، كما أظهروا اهتماما ملحوظا بالتسلية والترفيه عن النفس وكذلك جمع المعلومات والأخبار.
رابعًا: أظهرت النتائج أن عينة البحث يتعرضون للتلفزيون أكثر من وسائل الإعلام الأخرى، وأن المعاقين يتعرضون للقنوات التلفزيونية الفضائية العربية أكثر من القنوات المحلية أو المتخصصة، كما أنهم يتعرضون للصحف والمجلات العامة أكثر من المتخصصة، وأنهم يستمعون إلى المحطات الإذاعية المحلية أكثر من المحطات العربية أو الدولية.
خامسًا: أما استخدام ذوي الإعاقة لشبكة الانترنت فقد أظهرت النتائج أنها تأتي في المرتبة الأخيرة نظرًا لعدم توفر البرامج الضرورية التي تمكن شريحة كبيرة من عينة الدراسة وهم المكفوفين من التعامل معها.
سادسًا: المعاقين لا يختلفون كثيرا عن غيرهم إلا أن ما يلفت الانتباه هو تأخر المواضيع المتعلقة بالإعاقة في قائمة ترتيبهم للقضايا التي يهتمون بما.
سابعًا: وسائل الإعلام المحلية كانت تميل إلى الاستجابة للاهتمامات التي تغطي شرائح كبيرة، وسجلت اهتمام أقل بشؤون الأقليات أكثر من استجابتها لمشاكل الأقليات أنفسهم، فمعظم موضوعات الإعاقة التي تنشر في وسائل الاعلام تستهدف المجتمع بشكل عام كالتوعية بالإعاقة وأسبابها، ومن النادر أن تجد موضوعا في وسائل الإعلام يستهدف احتياجات المعاق بشكل مباشر وخاص.
ثامنًا: العلاقة بين قراءة الصحف والعمر كانت علاقة سلبية، وأن العلاقة بين قراءة المجلات ومستوى التعليم، كانت علاقة عكسية، مما يشير إلى أنه کلما قل مستوی العمر زادت درجة قراءة الصحف و کلما قل مستوی التعليم زادت قراءة المجلات، أما العلاقة بين الاستماع للإذاعة والعمر والاستماع للإذاعة ودرجة التعليم فقد أظهرت النتائج أنها علاقة إيجابية مما يؤكد أنه كلما زاد العمر زاد التعرض للإذاعة، وكلما زادت درجة التعليم زاد التعرض للإذاعة أيضا.
تاسعًا: لا يوجد فرق بين المكفوفين والصم في درجة الإشباع عند تعرضهم لوسائل الإعلام مما يشير إلى أن أغلب وسائل الإعلام لم تشيع الاحتياجات التي يتطلع المعاقون إلى إشباعها، وحيث أن الاشباع لا يمكن أن تحدثه الوسيلة أو محتواها إلا إذا قام أحدهما أو كلاهما بتأدية وظيفته المشتملة على ذلك الإشباع الذي يبحث عنه الجمهور والذي يمكن أن يأتي أيضا ضمن مجموعة أخرى من الإشاعات التي تحققها تلك الوظيفة ما لم تفعله وسائل الإعلام مع المعاقين كما كشفته هذه الدراسة.
عاشرًا: تباين درجة تعرض المعاقين لوسائل الإعلام تبعا لنوع السكن الذي يقيمون فيه وأن نوع السكن الذي يقيم فيه المعاق لم يؤثر لا إيجابًا ولا سلبًا في درجة الإشباع التي تحققها وسائل الإعلام.
اقرأ أيضًا
“التضامن”: أبناء ذوي الإعاقة يمكن أن يحصلوا على ثلاث معاشات