“تيوبر” الألماني العنيد الذي تغلب على الشلل النصفي ليصبح بطلًا أولمبيًا
ترجمة: يسرا عبد الله
يستعد متسابق الدراجات الألماني مايكل تيوبر؛ الألماني العنيد الذي تغلب على الشلل النصفي ليصبح بطلًا أولمبيًا.
وذلك، للمشاركة في الدورة الـ 32 للأولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة، التي تستضيفها طوكيو، في يوليو المقبل.
حصد “تيوبر” على العديد من الميداليات، كما حاز جوائز رياضية عالمية فحوَّل بتحدي كبير إعاقته إلى أيقونة نجاح.
وُلِد الطفل مايكل تيوبر في قرية تيجرنسي بحي ميباش في ولاية بافاريا. في 23 يناير عام 1968م، وتشتهر تلك القرية بطبيعتها الساحرة؛ فهي محط أنظار السياح الذين يأتون للسباحة في بحيرتها الشهيرة. وكان مايكل منذ صباه مولعًا بحب التزلج على الجليد وركوب الأمواج.
موظف بـ”تأمينات المنشية” لمواطن: منعرفش حاجة عن منشور الوزيرة
بعد أن أنهي تعليمه الثانوي، وتحديدًا في أغسطس عام 1987م، تعرض لحادث سيارة في فرنسا، وكان عمره وقتئذ 19 عامًا. وجاء تشخيص الأطباء وقتها صادمًا؛ حيث أكدوا وجود كسر في الفقرتين القطنيتين، الثانية والثالثة ما تسبب في إصابته بشلل نصفي غير كامل في العمود الفقري، وشلل كامل أسفل مفصل الركبة. وبالفعل غادر المستشفى على كرسي متحرك.
بعد الحادث بعام؛ تعرف على “سوزانا” التي قبلت الزواج به لاحقًا، وقررا معًا ألا يستسلم لإعاقته، كما دعمته عائلته أيضًا. بعد فترة، أخبره أحد أطبائه المعالجين بأن هناك أملًا، لكي يستطيع الوقوف والتحرك على قدميه مرة أخرى؛ وذلك من خلال تقوية وتنشيط عضلات فخذه الأيمن، لقى الخبر بفرحة كبيرة، وبدأ التدريب بعزيمة الأبطال.
سبع شروط للجمع بين معاشين أو المعاش والراتب لذوي الإعاقة
بعد ثلاث سنوات من الحادث، استغنى عن الكرسي المتحرك، واستخدم عكازين، لكنه في البداية واجه صعوبة في السير، فقام طبيبه المعالج بوضع جبائر لتثبيت الكاحل. فقد كان مشلولًا تمامًا من أسفل مفصل الركبة. ومن خلال تدريبات مكثفة، نشطت قرابة ثلثي عضلات فخذه الأصلية.
بعد ذلك، تمكن من ركوب الدراجة والسير بها من دون عكازين، حيث كانت قيادة الدراجات أسهل له من المشي. ثم تحولت الدراجة بالنسبة له إلى جهاز تدريبي فعال، وبالتدريج عاد يتدرب من جديد على هوايته المفضلة، وهي “التزلج” مستخدمًا الدراجات الجبلية، ثم بدأ يكثف تدريبه، حتى يُمكنه الاشتراك في ماراثون للدراجات الجبلية تقوم بتنظيمه الولاية.
جاءته الفرصة التي كان ينتظرها، عام 1997 وشارك في مسابقات “البارالمبياد” (دورة الألعاب الأولمبية للذوي الإعاقة) بأثينا؛ في لعبة سباق الدراجات. وبفضل أدائه الجيد؛ تمكن من الذهاب إلى كأس العالم في الولايات المتحدة عام 1998م، وفاز آنذاك بلقب عالمي. في العام التالي؛ احتل المركز الأول في بطولة سباق الطريق العالمية، وهو أول لقب رئيسي له.
معاناة ذوي الإعاقة .. ثلاث مستشفيات وأربع كشوفات لاستخراج شهادة التأهيل
شارك في عام 2000 بدورة الألعاب الأولمبية لذوي الإعاقة، التي استضافتها سيدني. توالت بعد ذلك مشاركاته في المسابقات الدولية، فقد مَثَّل ألمانيا في أربع دورات أولمبية متتالية هي: أثينا 2004م، وبكين 2008م، ولندن 2012م، وريودي جانيرو في البرازيل 2016م.
حصد “مايكل تيوبر” ثمار قوة إرادته؛ حيث فاز بالعديد من الميداليات الذهبية والفضية في مجالي الطرق والمسارات. كما حصل على جائزة أفضل رجل رياضي ألماني مرتين في عامي: 2005م و2009م. وجرى منحه أيضًا جائزة لوريوس العالمية كأفضل رياضي. (ولوريوس جائزة سنوية تُكرِّم إنجازات الرياضيين المعاقين من عالم الرياضات البارالمبية). كما اختير سفيرًا لذوي الإعاقة في عام 2008م من قِبل السير فيليب كرافن، رئيس اللجنة الدولية للمعاقين.
توالت نجاحات مايكل تيوبر الأوربية؛ ففي عام 2019م فاز بميدالية فضية في بطولة “الطريق لألمانيا”، التي كانت مسافتها 18 كم مع ارتفاع 16م.
تنمر ورفض بالمداس واستبعاد بالنوادي .. معاناة أطفال التوحد
وبالإضافة إلى حصوله على ما يقرب من 20 لقبًا في بطولات عالمية في رياضة الدراجات؛ فقد خاض تحديًّا جديدًا لذاته. حيث تمكن من تسلق جبل “كليمنجارو” في تنزانيا؛ الذي يُعد أعلى جبل في إفريقيا، ويبلغ ارتفاعه (5895 مترًا) وذلك في العام 2010م. أيضًا؛ نجح في تسلق جبل “شيمبورازو” على ارتفاع (6310 أمتار) في الإكوادور.
قال مايكل تيوبر: “الاستسلام للعجز ليس خيارًا جيدًا، إنما الخيار الوحيد هو تحدي الصعوبات” بحسب ما نشرت مجلة “راد فارن”.
وأضاف “تيوبر”، “واصلت دراستي وتخرجت في الجامعة وحصلت على مؤهل في إدارة الأعمال، لكني شعرتُ بأنه يجب عليَّ أن أحث نفسي على تحقيق هدف طويل الأجل؛ فاتجهت للرياضة”.
وتابع، “قبل الحادث كان كل تركيزي منصب على الرياضات الترفيهية، مثل: ركوب الأمواج والتزلج على الجليد، فقد كانت المتعة هي الشيء الرئيسي الذي أسعى إليه، لكن مع الشلل؛ فكان يجب عليَّ أن أعمل بجد لتحقيق شكل تنافسي، وأعتقد أنني عقلاني للغاية، وأتمسك بالأشياء ولدي القدرة على العمل بجد على هدف بعيد. ويقدِّم نصيحته لمن يمر بمثل ظروفه قائلا: لكي تكون ناجحًا؛ عليك القيام بتدريب شديد على التحمل والمثابرة”
وقام بتوثيق تجربته مع الإعاقة؛ حيث ألَّف مايكل تيوبر كتابًا أسماه: “قوتُك الذاتية.. كيف جعلتني أكبر أزمة في حياتي شخصًا قويًّا”؛ تناول فيه سيرته الشخصية، وكيف كافح من أجل العودة إلى الحياة التي اختارها، وذلك من خلال إرادة حديدية وتدريب شاق.
التضامن تصدر منشورًا للجمع بين معاشين لذوي الإعاقة .. تعرف على الأوراق المطلوبة
أكد “تيوبر”، في كتابه، أنه بالشجاعة والإرادة والانضباط؛ يمكن للإنسان التغلب على الأزمات الشخصية وتحقيق أهداف كبيرة.
وبرغم أنه يقوم بإلقاء محاضرات حول مواضيع مثل: الرياضة والإعاقة، كما عمل بالتدريب، حيث يحمل رخصة مدرب من اتحاد راكبي الدراجات الألمان، فإنه يقول: بصراحة أنا لا أخطط للذهاب إلى منصب، أريد أن أبقى مخلصًا لركوب الدراجات، فوظيفتي الوحيدة هي: “متسابق رياضي”، لقد أصبح ركوب الدراجات جزء مهمًّا من حياتي، فأنا أحب الجلوس على الدراجة، إن ركوب الدراجات هو عملي ببساطة.
يبلغ مايكل تيوبر من العمر 52 عامًا، وعنده عائلة ولديه ابنة شابة، ويتمرن حاليًا؛ استعدادًا لحصد ميدالية جديدة في أولمبياد طوكيو المقبل.
اقرأ أيضًا
خطوة بخطوة .. طريقة استخراج كارت الخدمات المتكاملة
تابع “للتضامن” .. مركز المطرية ينمي مهارات أطفال التوحد بأسعار منخفضة (فيديو)