سلايدرمقالات الرأى

دينا حسين تكتب .. الدروس المستفادة والحذر المطلوب

 

قبل أزمه وباء الكورونا كان العالم لايزال منقسم إلى سبع قارات، ومعسكرين، الصقر الأمريكي والتنين الصيني.

كانت الحرب التجارية مُعلنة، والتهديد بقوة العملة، وقدرة الاقتصاد، نفوذ وأرقام التسليح بين جيوش البلدين مدعاة للزهو في إحصائيات وكالات الأنباء. واستعراض للقوة بين دولتين حتى لو كانت تجارب أسلحتهم، على أراضي شعوب أخرى.

بعد ظهور كورونا، تغيّر موجز الأنباء، بات الحرص على أرقام المصابين، وعدد الوفيات في كل بلد يتصدر المشهد، مؤشرات تنبأت بحدوث أزمات ومفاجآت، انتظرها المراقبون بشغف، والبورصات العالمية بتوجس، قلق كبير بشأن تطورها إلى حروب من نوع آخر ستغير وجهة العالم الاقتصادية، والسياسية بشكل كبير.

تختلف التكهنات إذا كان العالم يخوض أحد أشرس حروب الجيل السادس، وانه وليد معامل أحد القوتين العظمتين، أو أنه فعلا تحور جيني لفيروس قاتل نشأ في سوق مقاطعه وهان بالصين، لتجارة لحوم الحيوانات البرية، المخالف لأعراف الطبيعة والصحة العامة. لكن من المبكر البحث عن الأسباب ومعرفة الحقائق الآن. ليست هذه القضية الأهم حاليًا.

الأهم فعلًا أن هذا الفيروس الضئيل السريع القاتل قد حوّل بالفعل العالم كله بقاراته وقواه العظمي وأسسه الاقتصادية وثرواته، وحتى تاريخه، إلى قرية واحدة معزولة، كيان واحد صغير، مستشفيات تأن بالمرضى، وطيران يُعلق، وقرارات تتشابه بين الدول ..  لا غلبة سوى لمن كُتب له النجاة والتماسك مع الأزمة للنهاية.

الأزمة جعلت من أكبر قوة مثل الولايات المتحدة، دولة منكوبة بائسة تتصدر قائمه الدول التي يوجد بها مصابين، ودولة مثل بريطانيا، تنهار تحت نقص الوسائل والمستلزمات الطبية وأجهزة التنفس الصناعي.

ربما تأتي نهاية الأزمة ومعها مشهد سياسي جديد، وخريطة مختلفة لتعداد وحجم سكان دول العالم، إيطاليا بلد الفن والموضة بها أعلى معد وفيات بسب الإصابة بالكورونا، بينما دول أنهكتها الحروب والصراعات المُسلحة مثل اليمن وليبيا لم ترصد إلا حالات قليلة.

ربما يعيد سكان الكون، حساباتهم ويتوقفوا عن إفساده، ربما يتجهوا للبحث العلمي لزيادة الغذاء وجودته لدول وشعوب لا تجده، ربما التوقف عن مخالفة قوانين الطبيعة تمنحنا فرصة أخرى للحد من التغيير المناخي .. أتمنى أن يستفيد العالم من دروس كورونا.

منذ بداية الأزمة، ومع التطور السريع لانتشار الفيروس وخطورته، تحول الكورونا من فيروس إلى وباء، من المحتمل أن يُفني ثلث سكان العالم، طبقًا لتقديرات منظمه الصحة العالمية.

الفيروس ليس الأول في تاريخ العالم وبالتأكيد لن يكون الأخير.

بعد مرور هذه الأزمة، يجب على الدول أن تعرف أن مخزون المستلزمات الطبية، لا يقل أهمية عن حجم القوة العسكرية، وأن الاستثمار في البحث العملي، لابد ان يسير بشكل متواز مع قدرة ورغبة الدولة في إيجاد الحد الأدنى من تصنيع منتجاتنا الغذائية والصحية.

قديمًا كانت فكرة غلق الحدود، ومنع التصدير مجرد مشاهد سينمائية مرت أمامنا جميعًا، لكنها أصبحت واقع يفرض نفسه، وربما يتكرر لأسباب وبائية أو سياسية. ويجب علينا أن نستعد.

الرسالة الأخيرة، أن نبقى ملتزمين قدر الإمكان لنتخطى الأزمة بأقل قدر من الخسائر، المستشفيات المصرية تواجه وباءً قاتلًا بأبسط الإمكانيات. فلنساعدهم باتباع التعليمات ونحافظ على العزلة الاجتماعية. ونلتزم باستخدام المطهرات قدر المستطاع.

وندعو الله أن يرحم كل من فارقنا بسبب هذا الفيروس القاتل، ويشفي جميع المصابين.

دينا حسين إعلامية ومقدمة برامج بقناة Nile tv بالتلفزيون المصري

اقرأ أيضًا 

ترامب يصف وفاة 200 ألف شخص بكورونا بأمريكا بالنتيجة الجيدة

قصة الطبيب شهيد الكورونا .. رسالة “اللواح” الأخيرة وطلب من ابنته

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى