كتبت سمر حسن
اللغة هي جسر التواصل بين الأشخاص، وكلماتها هي وسيلة التعبير عن الذات وتبادل الآراء ووجهات النظر مثلما قال الفيلسوف اليوناني “سقراط” جملته الشهيرة “تكلم حتى أراك”، فما حال الـ 7.5 مليون شخص من الصم والبكم بمصرِ؟، وفقا لإحصائية صادرة عن منظمة الأمم المتحدة، التي تعتبر لغة الإشارة وسيلة تواصلهم الوحيدة مع المجتمع تزامنًا مع تلك الفترة التي تنتشر بها جائحة كورونا.
كيف دخلت منة الله عالم الصم؟
للإجابة على السؤال السابق حاور موقع “نساعد” مترجمة لغة الإشارة بشركة sounds of Hands منة الله هشام، والتي التحقت بذلك العالم منذ 6 سنوات “عرفت المجال كفضول من التلفزيون عايزه أعرف مين اللي بيحرك أيده في المربع الصغير اللي على الشاشة” بدأت التساؤلات تتجول في رأس الفتاة خلال عامها النهائي بالثانوية العامة، فأجابتها الأم بأن تلك اللغة توجه للصم والبكم الذين لا يستطعون التواصل بالكلمات المنطوقة.
لم تكتفِ الفتاة بهذا القدر فبدأت رحلة البحث عبر الانترنت للتعرف على الجمعيات التي تدرس لغة الإشارة”عرفت أن جمعية رسالة بتعلم لغة الإشارة فرحت على طول واتعلمت هناك” وأتمت كورس لغة الإشارة “الموضوع اتحول بالنسبالي من مجرد فضول لأسلوب حياة أنا عايشة ليهم وبحل مشاكلهم”
بداية المشوار قبل انتهاء الدراسة الجامعية
لم تنظر الفتاة الانتهاء من كلية التجارة في العام 2018 بل التحقت بالعمل بذلك المجال منذ 2016، وترجمت المحتويات المختلفة سواء كانت محتويات طبية أو دينية أو ثقافية عبر فيديوهات مقدمة للصم والبكم، وتعبر عن أكثر الأوقات سعادة لها “وقت الترجمة لما بكون واقفة بين شخص بيتكلم وشخص أصم وأنا الوسيط دا أفضل وقت في حياتي”.
وتمكنت الفتاة العشرينية من اتقان لغة الإشارة حتى أصبحت مترجمة ومدربة بجامعة عين شمس والقاهرة، ومترجمة بـ (مؤسسة أحلام الغد للتدريب- بنقابة المهندسين -قناة الحرة الإخبارية- السفارة الألمانية- نقابة مترجمي لغة الاشارة- مترجمة معتمدة من المنظمة العربية لمترجمي لغة الاشارة “صله”).
لحظات السعادة خلال عملها كمترجمة إشارة
بنبرة صوت ممزوجة بالسعادة تذكرت المترجمة أسعد الأوقات التي مرت عليها “في مرة واحد أصم جابلي كلمة من النت وماكنش فاهمها فضلت أفهمه معناها وأشرحله وأندهش أن كل الحاجات ديه ميعرفهاش وقالي أنا مبسوط جدًا لأن عمر ما حد قالي الحاجات ديه”؛ إذ أوضحت مترجمة الإشارة لنساعد أن الصم الذين يفتقدون حاسة السمع بشكل كامل يعتمدون على لغة الإشارة بنسبة 100%، بينما ضعاف السمع يعتمدون على لغة الإشارة ولغة الشفاه؛ خاصة إن الإشارة الواحدة تحمل أكثر من معنى.
فللغة الإشارة أهمية بالغة للصم والبكم؛ فتعمل على التواصل وتنقل المشاعر المتبادلة بينهم، كما تساعد على التعبير عن أنفسهم، وتعمل على النمو الذهني والشفوي، إلى جانب أنها تساعد على الحد من الضغوط الداخلية والنفسية التي تصيب من يعانون من عدم الكلام والسمع، وتساعد على التخلص من الإصابة بالخوف والاكتئاب الذ يحاوطهم طوال الوقت نتيجة عدم فهمهم من العالم المحيط.
جائحة كورونا والتهميش
مع تزايد عدد مصابي فيروس كورونا (كوفيد-19) بمصر تطارد المخاوف فئة الصم والبكم لعدم وجود مترجمي إشارة ينقلون شكواهم ويتعرفون على الأعراض الذي يعانون منها في حالة تعرضهم للإصابة، علقت “منة الله” أن معاناة الصم والبكم دائمة بينما تصاعدت مع تفشي الوباء “مفيش مترجمين إشارة في المصالح الحكومية ولا المستشفيات وأنا بروح معاهم كتير جدًا عشان أخلصلهم حاجات” وتلفت الفتاة إلى أن العاملين بالمصالح الحكومية يمثلون عائقًا في بعص الأوقات لتعنتهم في إنهاء الأوراق عبر الوسيط “مترجم الإشارة” قائلة: “في المصالح الحكومية لما بتروحي مع الصم عشان يخرجوا ورق مبيعترفوش بالكارنيه وبيقولولك لازم يكون مكتوب في البطاقة مترجم إشارة”.
وعن تعامل الفتاة مع بداية أزمة كورونا، قدمت أكثر من فيديو توعوي عن مكافحة كورونا ومدى خطورته “نزلت فيديو مترجم عن الوقاية من كورونا وقدمت فيديو بيتكلم عن مخاطر كورونا وأعداد المصابين وحديث رئيس الوزراء وعرفتهم عن أماكن مستشفيات العزل وفيديو عن رقم 105 اللي بيقبل استفسارات الجمهور حول فيروس كورونا.”
“الصم هما حياتي أنا معاهم فيديو كول طول الوقت وبعرفهم كل حاجة” تؤكد الفتاة على تواصلها الدائم مع الصم والبكم طوال الوقت؛ إذ تمثل إليهم دائرة الأمان والرد على كافة علامات الاستفهام التي تدور بأذهانهم، وذلك من خلال الصفحة الرسمية للفتاة على الفيس بوك إلى جانب المجموعات الإلكترونية عبر تطبيق (الواتس آب) التي تعلم من خلالها لغة الإشارة دون مقابل.