كتبت ــ سمر حسن
يحصر البعض البطولة في حصد الجوائز أو تقلد المناصب العالية، بينما تكون تلك البطولة أحيانًا أم تصنع الجسور، وتحاول مئات المرات دون يأس حتى تجعل لنجلها المصاب بمتلازمة داون مكان وسط مجتمع رافض تقبل الاختلاف، وفكرة دمج أصحاب الهمم، فعلى مدار 18 عامًا منذ مولد الابن تسعى السيدة “رشا البنا” بخلق مساحة تميز لابنها الأوسط عبر تجربة تعتمد على التعليم الذاتي.
في مساء إحدى ليالي يوليو الحار نشرت السيدة منشورًا على إحدى جروبات الفيس بوك ويبدأ بـ ” ده ابنى مازن هشام الطباخ، داون سيندرووم سباح ولاعب كاراتيه ومعاه حزام أزرق اتعلم يعزف موسيقى لفترة وكان له محاولات فى التنس طاولة ، حلمه وحلمى يكون بطل رياضى” حقق البوست تفاعل يفوق 40 ألف إعجاب وأكثر من 3500 تعليق، حاور “نساعد” الأم للتعرف على رحلتها المستمرة مع الابنِ حتي يصير بطلًا رياضيًا.
“انهرت وعيط وحالتي النفسية كانت سيئة جدا” هكذا تلقت الأم خبر مولد طفلها ليس اعتراضًا على قضاء الله وقدره ولكن خوفها الشديد من قسوة العالم على طفلها وعدم وعيها الكافي بالتعامل مع طفل من ذوي متلازمة داون “صدمتي كانت بسبب أني مش عارفة إزاي هتعامل مع الملاك دا وأنا كمان كنت لوحدي وباباه كان مسافر بره” وعقب فترة من الزمن تعلمت وبحثت السيدة “بقيت أتعامل معاه زيه زي أخته بالظبط عشان ميحسش أن فيه فرق ومازن هو سبب فرحتنا.”
التعلم الذاتي
“من أول ما مازن أتولد أنا اللي كنت بشتغل معاه بنفسي ومرحناش لمراكز تخاطب لأني مش في القاهرة وكنت بخاف عليه جدًا” نظرا لمحل سكن الأم بمحافظة الإسماعيلية وصعوبة انتقالها للقاهرة في تلك المرحلة قررت أن تقرأ وتبحث عن برامج التخاطب وتعديل السلول وأن تقوم بتلك المهم إلى جانب مهامها الأخرى مع طفلها؛ ولطبيعة عمل الأم بإحدى المدارس حاولت دمجه مع أقرانه “كان معايا في المدرسة في فترة الحضانة بس كان بيتعرض لمضايقات.”
التنمر الدائم
تعرض الطفل للتنمر منذ نعومة الأظافر “مازن اتعرض لتنمر كتير جدا والمجتمع رافض أنه يتعامل معاه، وهو صغير وكان معايا في بيبي كلاس أترفض أنه يكون موجود من أولياء الأمور وأنا ماشية في الشارع كل الولاد يبصوا عليه أوي” بنبرة ضيق سردت الأم بعضًا من مواقف التنمر التي تعرض لها الطفل فذكرت موقف آخر “لما كبر الولاد اتلموا حواليه ويعملوا حواليه دايرة ويضايقوه، وفيه ناس بترفض تقعد معاه في نفس المكان.”
تلك المواقف تركت ندبات نفسية لدى الأم وفي الوقت ذاته مثلت دفعة لها بأن يصبح لمازن كيان “قررت أن هخوض تجربة تعليمه في البيت وبدأت معاه في أكتر من طريق”، وفي عمر العاشرة انضم مازن لإحدى المؤسسات بالإسماعيلية وخضع لبرامج التخاطب وتعديل السلوك، ونظرا لإغلاق المؤسسة عادت الأم مرة أخرى لتقوم بدور المعالج “في البيت بنتكلم معاه ونعلمه كل حاجة وبيشوف مسلسلات وأفلام وبدأ ياخد منه مفردات وأنا كمان بشوف برامج للتخاطب وقررت اشتغل معاه على النقطة ديه.”
حلم الرياضة
أتت المرحلة الأكثر صعوبة بالنسبة للسيدة التي تعمل بإحدى مدارس محافظة الإسماعيلية وهي اكتشاف مواهب الابن لتنميتها “أول رياضة بدأ يشترك بيها كانت السباحة سألت كباتن كتير جدا لكن محدش وافق يدربوا أنا كنت بتحايل عليهم عشان يدربوه لغاية ما حد كان بيعمل رسالة ماجستير وكان عايز يعلم مازن ففضل معاه شهرين وبرده مكملش”، وصلت الأم لمرحلة الانهيار وبكت كثيرا عن المحاولات التي استمرت لسنوات دون جدوى “مازن شاطر جدا في السباحة وكنت بحلم أن يكون بطل ولما اتعلم فترة صغيرة جدا ودخل مسابقة وحصل على شهادة”. لم تجد الأم ملجأ سوى الذهاب للقاهرة فاستمرت لمدة 4 سنوات بمعدل مرة أسبوعيًا لتحول الحلم لواقع “بعت لكابتن مشهور في القاهرة بعد رحلة بحث عن مكان يعلمه لمدة 3 سنين وفي الآخر قررت أني هنزل بيه القاهرة عشان يتعلم وبدأت أنزل كل أسبوع لمدة 4 سنين”
تتويج المحاولات بالنجاح
حصل صاحب الـ 18 عامًا على أكثر من ميدالية وشهادة عن تفوقه بالسباحة “مازن حصل على ميداليات في السباحة” لم تكتف الأم بالسباحة بل اشتركت له بالكراتيه وحصل على حزام أزرق إلى جانب ميدالية ذهبية على مستوى منطقة القناة وشارك ببطولة الجمهورية للكارتيه وتوج بشهادة مشاركة، بالإضافة إلى تعلمه رياضة تنس الطاولة “كمان حصل على شهادة مشاركة في اشتراكه بمسابقة ببورسعيد”، ونتيجة لتوقف كافة الأنشطة خلال فترة انتشار فيروس كورونا ذهبت الأم للعالم الإلكتروني حتى لا تضيع فرصة على الابن “مازن لسه مشترك الأسبوع اللي فات في مسابقة جمباز عالمية تبع Special Olympics على برنامج زووم وحصل على الترتيب الثالث”.
لم تدخل الفرحة قلب الأم سوى بتقدم نجلها “لما مازن بيدرب ويشارك في مسابقات أنا بكون طايرة من الفرحة وهو نفسه بيحس أنه إنسان مهم أنا كنت بدور وألف عشان ألاقيله أي فرصة”، وتشرح تأثير توقف الابن عن ممارسة الأنشطة الرياضية “مازن شعره كان بيقع الفترة إللي مكنش بيدرب بيها عشان أخواته بيدربوا وهو كان قاعد”.
“أنا أي حاجة ممكن أعملها عشان خاطر مازن يكون حاجة كبيرة” اختتمت الأم حديثها مع “نساعد” بذكر حلمها “نفسي مازن يبقى بطل رياضي” إلى جانب ذلك “نفسي يشترك في إعلانات التوعية عن متلازمة دوان ودا أنا هشتغل عليه الفترة الجاية”.
اقرأ أيضًا
ذوي الإعاقة مناشدين السيسي استثنائهم من مخالفات البناء: ظروفنا صعبة ومعناش فلوس
هل يشارك محمد صلاح مع مصر في أولمبياد طوكيو؟.. شوقي غريب يجيب
تفاصيل جولة وزير الإسكان والمشاريع بمدينة العلمين الجديدة (صور)
