إسلام عزام يكتب .. قانون الشهر العقاري وأزمة غياب المعلومات
تقول الأسطورة الشهيرة، إن دبة قتلت صاحبها بغير قصد. رأت ذبابة على رأسه، حاولت أن تبعدها عنه، وجهت قبضتها للذبابة ضربة قاضية. هربت الذبابة قبل أن تهوي الدبة على رأس صاحبها. أصحبت الرواية خير مثال على من يتطوع لخدمة صديقه، فيسئ إليه وربما تكون النهاية. عن غير عمد مرة، وعن جهل وسوء تقدير للمواقف مرات .
تخبرنا الحكومة دائمًا أنها تعرف مصلحة المواطن، وتسعى لتحقيق رفاهيته. بينما ينطبق المثل المصري “اسمع كلامك أصدقك. أشوف قراراتك استعجب”
واحد من أهم تعريفات القانون ــ أي قانون ــ أنه منظومة من القواعد والمبادئ الموضوعة من قبل سُلطة ما للحفاظ على النظام، والسلام، وإقامة العدل في المجتمعات.
كيف يمكن اعتبار قانون الشهر العقاري بمواد كهذه، وشروط كتلك في ظرف اقتصادي كهذا يحقق العدل، ويرهق المواطن بأعباء مادية لم يكن يتحملها في الظروف العادية. فما بال الحكومة بإجراءات إصلاح اقتصادي، وجائحة عالمية، وظروف قاسية واستثنائية!
فلسفة التشريع غير منطقية، أحكام القانون رقم 186 لعام 2020 نصت على تعديل أحكام بعض أحكام القانون رقم 114 لسنة 1946، من بينها دفع نحو 2.5 بالمئة من قيمة الوحدة السكنية المالية !
التعديل يلزم أصحاب الوحدات السكنية قبل التسجيل بالشهر العقاري، بتحمل تكلفة نشر إعلان في الصحف، يدعو خلاله أي مواطن لديه تحفظ على ملكيته للوحدة السكنية محل التسجيل، للاعتراض عليه!
من المفترض أن يُشرع القانون لتحقيق النفع العام في المجتمع. يكون جزءً من تطلعاته.
أزمة قانون الشهر العقاري أنه قانونًا فوقيًا، عرفًا لا يجب أن يصاغ التشريع بليل دون مشاركة مجتمعية، ومناقشة حقيقية حول أهميته.
النص الدستوري بالمادة 120 يؤكد علانية الجلسات، وهو الأصل، واستثناءً يجوز انعقاده في جلسة سرية بناءً على طلب رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو رئيس المجلس أو عشرين عضوًا، ويتوقف القرار في النهاية على قرار أغلبية أعضاء المجلس بالموافقة أو الرفض.
مجلس النواب السابق برئاسة الدكتور عبد العال، أقر 678 قانون من يناير 2016 حتى دورة الانعقاد الأخيرة التي شابها بطلان وعدم دستورية.
بحسبة بسيطة، أقر المجلس 135 قانونًا سنويًا، 11 قانونًا شهريًا.
تقول البيانات الرسمية، إن 15 مليون يستفيدون من برنامج تكافل وكرامة. هذا الرقم الكبير، رغم شروط وزارة التضامن الاجتماعي التي تمنح الدعم النقدي للأسر بصفتهم من محدودي أو معدومي الدخل.
هذا الرقم بالإضافة 9 مليون صاحب معاش، و1.5 مليون مواطن من العمالة غير المنتظمة التي صرفت لهم الحكومة معاشًا شهريًا قيمته 500 جنيه لمدة 6 شهور بسبب جائحة كورونا.
تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء نشر رقمًا صادمًا عن وجود 32 مليون مواطن تحت الفقر.
التقرير نفسه كشف عن أن 55.7% من الأفراد المشتغلين أصبحوا يعملون أيام عمل أقل، أو ساعات عمل أقل من المعتاد لهم، وحوالي ربع الأفراد 26.2% فقدوا عملهم نهائيًا.
لا يمكن أن يحقق القانون غرض منطقي، بينما تكون صناعة القانون من داخل غرف مغلقة منفصلة عن المجتمع، وليست على دراية باحتياجاته التشريعية.
أخذ رأى المخاطبين بالقانون على اختلاف توجهاتهم الفكرية، وطبقاتهم الاجتماعية، ضرورة حتمية وليست رفاهية، أو فضل ومِنَّة من القائمين على التشريع!
دولة القانون يتحقق هدفها حيث تكون كل السلطات، بما فيها سلطة الشعب في المشاركة والتشريع، مرورًا بمرحلة تكييف القوانين ومراقبة تطبيقها إعلاميًا وشعبيًا.
القضية الأخرى في أزمة قانون الشهر العقاري، حجب المعلومات عن الجميع حتى بعد إقرار القانون، غياب المعلومات ليس قاصرًا على القانون، أو آلية وجدوى التنفيذ، لكنه ممتد إلى منظومة تخريد السيارات، ولقاح كورونا، وإدارة المفاوضات مع إثيوبيا في قضية سد النهضة ..
غياب المعلومات عن صياغة تعديلات قانون الشهر العقاري، صنع الأزمة، واستمرار غيابها سيؤدي بالحكومة وقراراتها، ومجلس النواب وتشريعاته إلى أن تكون الدبة التي قتلت صاحبها!
لمتابعة أخبار موقع نساعد عبر google news اضغط هنـــــــــــا ، صفحة موقع نساعد على الفيسبوك اضغط هنـــــــــا وموقع تويتر اضغط هنــــــــــــــا
اقرأ أيضًا
فرص عمل لذوي الإعاقة .. ماچدة تتعاون مع 400 جهة و200 مركز تدريب
ذوي الاحتياجات الخاصة .. أمريكية لديها طرف صناعي تزور الفضاء وناجية من سرطان العظام