ترجمة: يسـرا عبد الله
يوم 18 يونية المقبل تشهد العاصمة الألمانية (برلين) أول حدَث من نوعه؛ وهو: انعقاد “برلمان المعاقين”. تبدأ الجلسة في الساعة الحادية عشرة صباحًا، وتستمر حتى الخامسة مساءً. وصاحب تلك المبادرة هو “كريستيان سبيشت”، مدير مجلس إدارة منظمة للمعاقين؛ وأحد ذوي الاحتياجات الخاصة.. وقد بذل الكثير من الجهد والوقت؛ ليتمكن أخيرًا من إطلاق فكرته إلى النور.
فلسنوات ظلت تلك الفكرة تراود كريستيان؛ حيث كان يبحث دومًا عن إيجاد شيء جديد يمكن للأشخاص ذوي الاحتياجات تحقيقه معًا. يقول كريستيان: ما دام الإدماج لا يتم فهمه وتنفيذه بشكل مناسب؛ فإن “برلمان الأشخاص المعاقين” سيكون أداة قوية لتأكيد دورهم في المجتمع.
يتابع: إن البرلمان الأول للمعاقين سيفتح أبوابه لجميع مطالب الجمعيات الخاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة. وتحقيقًا لتلك الغاية؛ فقد أنشأنا مجموعة تنظيمية مؤلفة من الرعاة والجمعيات، التي تضم بالطبع زملاء من التحالفات المهتمة بالإعاقة.
وبرغم أن كثيرين من ذوي الإعاقة في برلين يتعايشون مع إعاقاتهم؛ فإنهم لا يزالون يعانون من عدة صعوبات.. وعلى سبيل المثال؛ فإن حصتهم ليست ممثلة في البرلمان الاتحادي الرسمي (البوندستاج) تمثيلا كافيا. وقد تمكَّن كريستيان من الحصول على موافقة بالإجماع من أعضاء البرلمان الاتحادي؛ لانعقاد “برلمان المعاقين”.
يقول “كريستيان سبيشت”: إن الغرض الأول والأساسي من “برلمان المعاقين” هو تحقيق التكامل بين جميع أفراد المجتمع، والسماح للأشخاص من ذوي الإعاقات بضمان حقوقهم في المشاركة السياسية.
“كورونا يهز العالم” تزايد حالات الإصابة وانهيار البورصات وسلالة جديدة أكثر خطورة
يتابع: ستجري دعوة الأعضاء في الجمعيات والمبادرات والناشطين الفرديين للانضمام إلى البرلمان الأول للمعاقين في برلين. كما أنه يمكن للأشخاص الذين يعانون من أي نوع من أنواع الإعاقة، أو أي مرض مزمن، أو أقربائهم.. التقدم للمشاركة في هذا البرلمان. وخلال الأسابيع المقبلة سيجري الإعلان عن المزيد من التفاصيل.
يضيف كريستيان: من المقرر أن يعرض “برلمان المعاقين الأول ببرلين” صورة شاملة ومتوازنة لتنوع الإعاقات؛ ومن المهم أن تكون المشاركة في هذا البرلمان بالتساوي لممثلين من الأشخاص ذوي الإعاقات الجسدية، والأشخاص ذوي الإعاقات الذهنية. وستكون قضايا: التعليم والعمل والتنقل والإسكان والصحة والرعاية.. من أهم الموضوعات المقرر طرحها للنقاش خلال جلسات الانعقاد.
ويأمل منظمو البرلمان أن تكون هناك إجابات وحلول واقعية للأطروحات التي سيطرحها الأعضاء المشاركون في البرلمان؛ فجميع نواب البرلمان مدعوون لمناقشة قضايا الإعاقة.
ومن ضمن أهداف “برلمان برلين للمعاقين”: دمج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع، وكذلك مراعاة احتياجاتهم ومشاكلهم. أيضًا: بحث انتخاب المزيد من الأشخاص ذوي الإعاقة ليمثلوا تلك الفئات في برلمان الدولة الرسمي (البوندستاج).
ويُنتظر أن يطرح برلمان المعاقين مبادرات سياسية يمكن تنفيذها على أرض الواقع في برلين. كما أن مهام “برلمان المعاقين”؛ سيجري تحديدها بشكل عملي وواضح. وقد بدأ بالفعل إعداد إجراءات لمتابعة ورصد الأعمال التحضيرية من أجل جعل ممثلي السياسة والإدارة مسئولين عن تنفيذ مهام العمل في هذا البرلمان.
ومن المخطط له: أن يتم العمل على تطوير مفهوم دعم شامل لتلك الفئات؛ لضمان أن تكون مشاركتهم خالية من العوائق قدر الإمكان. حيث إن تمكين عدد غير مسبوق من الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة يمثل تحديًا هائلاً لهذا البرلمان.
الأوراق المطلوبة لتسجيل راغبي العمل من ذوي الإعاقة للحصول على وظيفة
وتتمثل المطالب المطروحة على “برلمان المعاقين” في جلسته الأولى في: العمل على تيسير وصول فئات ذوي الاحتياجات في طرق خالية من العوائق، وتوفير مساحات واسعة لمستخدمي الكراسي المتحركة منهم. كذلك توفير مترجمين بلغة الإشارة في الأماكن الحكومية، وتوفير نظم إشارات للصم في الأماكن العامة.. وأخيرًا توفير المرافق الصحية المناسبة لظروفهم في العاصمة برلين.
وكانت رئاسة مجلس النواب الاتحادي (البوندستاج)؛ قد أكدت بالفعل دعمًا واسعًا لانعقاد “برلمان المعاقين”. وقد أبدى أعضاءٌ من الحكومة وأحزاب المعارضة اهتمامًا بالمشروع؛ وهو لا يزال قيد التنفيذ منذ صيف عام 2019م.
ويقول “كريستيان سبيشت” صاحب مبادرة انعقاد “أول برلمان للمعاقين في برلين”: مع هذا الدعم الكبير فإن تلك المبادرة لن تكون الأخيرة من نوعها؛ بل يجري التخطيط لإنشاء برلمان للمعاقين سنويًّا كجزء لا يتجزأ من سياسة المعاقين في برلين.
يتابع: ينبغي أن يُصبح برلمان المعاقين بمثابة لسان حال مهم لمعالجة المطالب التي ينادي بها الأشخاص ذوو الإعاقة من جميع أنحاء برلين؛ وذلك من خلال تفعيل مشاركتهم مع المجتمع المدني .
جدير بالذكر أن النموذج الذي يَقتدي به ذو الاحتياجات في برلين؛ هو برلمان المعاقين في مدينة “بريمن” – التي تقع في شمالي ألمانيا – حيث ينعقد هذا البرلمان هناك بانتظام منذ 25 عامًا.
نقلا عن موقعي: “تاز، ورولينج بلانت ”
