سلايدرمقالات الرأى

إبراهيم نوار يكتب .. مصر في مواجهة التهديدات

 

الدبلوماسية المعاصرة تجاوزت حدود الخطب والبيانات وإطلاق التصريحات، انتهى زمان ذلك النوع من الدبلوماسية. الآن ومع كل ما تحقق من تقدم تكنولوجيا في العالم، ومع كل ما نشهده من تقاطع المصالح بين الدول المختلفة، تستطيع الدبلوماسية أن تتنقل بين عواصم العالم عدة مرات في يوم واحد.

الشروط الأولية لنجاح ذلك، تتمثل في وضوح الرؤية والأهداف، والثقة من إمكانيات الدفاع عن الموقف، ومهارات الاتصال الدبلوماسي. وعلينا ونحن فيما نحن فيه أن نتذكر كم من قضية عادلة أضاعها محامون جهلة وسفهاء.

في تاريخنا الذي عشناه، لم تكن مصر يوما من الايام في مواجهة تهديدات لأمنها القومي مثل تلك التي نشهدها الآن. قليلة تلك هي الفترات التاريخية التي واجهت مصر فيها تهديدات متعددة من الداخل ومن الخارج في الوقت نفسه.

ويتطلب الانتصار على التهديدات العمل على تحقيق أقصى مستويات الإجماع الوطني؛ فالإجماع الوطني هو السلاح الذي يمكن أن يعين مصر على الصمود والانتصار.

مصر الآن داخل مربع من التهديدات يمتد من مقاومة فيروس كورونا داخليا، إلى تأمين حدود مصر الغربية، إلى تأمين حدودها الشرقية، إلى تأمين نصيبها العادل من حقوقها المائية في الجنوب.

هذه التهديدات الأربعة تمثل تهديدات للوجود، ليس بمعنى أنها تهدد بزوال مصر من على الخريطة، لأن مصر صمدت وبقيت رغم التهديدات على مر التاريخ، ولكن مع فروق هائلة بين المواجهات التي انتصرت فيها، وبين تلك التي خسرتها. مصر الآن لديها من القدرات والامكانيات ما يساعدها على الانتصار على التهديدات، بشروط إطلاق هذه القدرات والإمكانيات، واستثمارها الاستثمار الامثل، وادارتها بأعلى قدر ممكن من الكفاءة والمهارة. مصر أكبر بكثير من هذه اللحظة التي تعيشها الآن، والتي جعلتها مطمعا من الشرق والغرب والجنوب والشمال.

نعم، للآخرين أطماع في مصر، لكننا يجب أن نجعل كل طامع يفكر بدل المرة ألف مرة قبل أن يتجرأ على هذا البلد الأمين. إذا لم نفعل، واكتفينا بالخطابة، فلا عقلنا ولا تعلمنا مما مررنا به، وما مر بنا خلال النصف قرن الأخير على الأقل. مصر في حاجة إلى أوسع وأمتن إجماع سياسي ممكن. ومن أسوأ ما يمكن أن تتعرض له الآن هو المزايدات السياسية، وحملات التخوين، وشل القدرات، وإطلاق الشعارات الفارغة عديمة القيمة، التي لا تخدم إلا احتياجات الاستهلاك المحلي فقط.

مصر قوية بصراحتها مع نفسها، بوحدتها، وبإطلاق كل طاقاتها وقدراتها البشرية والسياسية والاقتصادية والعسكرية والثقافية والدبلوماسية.

الدبلوماسية المصرية يجب أن تنطلق بسرعة، إلى حوار صريح ومباشر مع الاتحاد الأفريقي ومع حلف الأطلنطي، ومع موسكو، ومع بكين، ومع واشنطن… الآن.. الآن وليس غدا، حوار برؤية واضحة لها مرجعياتها القوية التي لا خلاف عليها، من أجل تحقيق أهداف محددة، عادلة، تضمن الكرامة والأمن والسلام والرفاهية، لها ولجيرانها، بدون عداوة ولا تمييز. مصر في حاجة إلى أن تبدأ هجوما للسلام في شرق البحر المتوسط والقرن الأفريقي… مصر قيادة، ولم ولن تكون ذيلا لغيرها. هذا يجب أن يتحقق في الواقع، وليس بمجرد الكلام والصياح.

اقرأ أيضًا 

عقوبة التعدي على شخص من ذوي الإعاقة قانونًا .. محام: تختلف باختلاف الاعتداء

المركزي للإحصاء: 26% من المشتغلين في مصر فقدوا عملهم بسبب كورونا

السيسي: الجيش المصري قوي ولكنه يحمي ولا يهدد ويجب أن نستعد لأي مهمة داخل أو خارج حدودنا

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى