سلايدرمقالات الرأى

حامد عبدالرحيم عيد يكتب .. قضايا الإعاقة وتعزيز ثقافة الإدماج بالجامعة المصرية

أمس الأول، راسلنى صديق لى من الأساتذة الإندونيسيين، وهو محرر لمجلة علمية مشهورة برسالة على «واتساب» يطلب منى مشاركته فى ورقة بعنوان « Mapping the Landscape of Inclusive Education in Islamic Educational Contexts»، تتحدث عن الحاجة إلى تعليم عادل وشامل لجميع الأفراد، بغض النظر عن القدرة أو الجنس أو الوضع الاجتماعى أو الخلفية، وتهدف هذه الدراسة إلى استكشاف المشهد البحثى حول التعليم الشامل فى السياقات التعليمية الإسلامية بأساليب الببليومترية، فكانت مفاجأة سارة لى، وبعد 24 ساعة أرسلت موافقتى على المشاركة معه. وبدأت أتعرف على قضايا الإعاقة فى التعليم العالى فى مصر وكيف يمكن دمجها فى الجامعة المصرية، وهذا هو فحوى مقالى اليوم.

فى شهر ديسمبر 2022، نظمت وزارة التعليم العالى والبحث العلمى بالتعاون مع أمديست والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID) مؤتمرها الثالث لدمج الطلاب ذوى الإعاقة فى التعليم العالى ونشر الوعى بقضية دمجهم. ولما كانت قضايا الإعاقة ودمج أشخاصها ضمن منظومة التعليم العالى والجامعة أمرًا بات يشغل العالم كله اليوم، كانت لنا تلك الوقفة مع التحديات والصعوبات التى تواجه الطلاب ذوى الإعاقة فى الجامعة المصرية على وجه الخصوص، وأبرزها قلة الوعى والتوعية بقضايا الإعاقة فى المجتمع المصرى والصعوبات التى يواجهها الطلاب ذوو الإعاقة فى الجامعات فى الوصول إلى بعض المرافق الأساسية، مثل الحمامات والمصاعد والأدوات المساعدة، وما يواجهونه من صعوبات فى ممارسة حياتهم اليومية ودراستهم، وأيضًا ما يواجهونه فى الحصول على التكنولوجيا المساعدة، مثل قارئات الشاشة والأجهزة المساعدة الأخرى، مما يحُول دون نجاحهم فى دراستهم. ومن هنا، ولتعزيز ثقافة الاندماج بالجامعة المصرية، هناك العديد من الخطوات التى يمكن أن تحل بعض تلك الصعوبات، ومنها: تعزيز الوعى والتوعية بقضايا الإعاقة فى الجامعة وتشجيع الحوار والمناقشة حولها، وتوفير المرافق القابلة للوصول وتحسين الوصول إليها، بما فى ذلك المصاعد والحمامات والأدوات المساعدة الأخرى، كذلك توفير التكنولوجيا المساعدة للطلاب ذوى الإعاقة لتمكينهم من متابعة دراستهم بنجاح، وتوفير الدعم والإعانات الأكاديمية لهم، مثل تمديد وقت الامتحانات والمساعدة فى تدوين الملاحظات وغيرها من الإعانات لتمكينهم من النجاح فى دراستهم، بالإضافة إلى تنظيم الفعاليات وورش العمل لتثقيف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس حول قضايا الإعاقة وتعزيز ثقافة الاندماج والتسامح فى الجامعات.

وكانت وزارة التعليم العالى ورؤساء خمس عشرة جامعة حكومية، فى شهر يونيو 2022، قد قاموا بتوقيع اتفاقيات مع ممثلى هيئة الأمديست والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لإنشاء مراكز لخدمة الطلاب ذوى الإعاقة داخل 15 جامعة مصرية، هى: طنطا والزقازيق وحلوان وقناة السويس وبنى سويف وجنوب الوادى والفيوم وسوهاج ودمنهور ودمياط والسويس والسادات والعريش والوادى الجديد وجامعة الأقصر. إضافة إلى المراكز الخمسة التى كانت قد أُنشئت بالفعل فى جامعات القاهرة وعين شمس والإسكندرية وأسيوط والمنصورة، كجزء من برنامج منح الجامعات الحكومية، ضمن مبادرة التعليم العالى الأمريكية- المصرية لخدمة الاحتياجات الأكاديمية والبدنية والمجتمعية للطلاب ذوى الإعاقة داخل الحرم الجامعى والامتثال للقانون المصرى رقم 10 الصادر فى عام 2018 بشأن الأشخاص ذوى الإعاقة ولضمان المساواة فى الحصول على التعليم العالى لهم. لقد استطاعت المراكز الخمسة التى تم إنشاؤها فى الجامعات القديمة أن تقدم خدماتها بشكل منظم لأعداد متزايدة كل عام (ما يقرب من 4500 طالب ذى إعاقة)، وقامت برفع درجة الوعى بحقوق الطلاب ذوى الإعاقة ودعم الجامعة والالتزام بتطبيق قانون الإعاقة لسنة 2018، كما أسهمت فى وضع خطة تطوير المبانى الجامعية لتيسير تنقلاتهم داخل الحرم الجامعى، وزيادة الوعى باستخدام الأدوات المساعدة بغرض تقليل العقبات التى تعوق الطالب ذا الإعاقة من ممارسة حياته الجامعية التعليمية. إن النموذج المستدام لمراكز خدمة الطلاب ذوى الإعاقة المُصمم من قِبَل أمديست يُعد بمثابة وحدة مركزية تخدم وتتواصل مع الجامعة بأكملها وترسل التقارير مباشرةً إلى نائب رئيس الجامعة.

هكذا يسعى التعليم العالى فى مصر إلى تعزيز الشمولية والتضامن الاجتماعى من خلال تقديم الدعم والمساعدة للطلاب ذوى الإعاقة. ولتحسين الشمول، تشمل الخطوات وضع سياسات تعليمية وتشريعات قانونية، وتوفير الموارد المالية والهياكل الأساسية، وتوفير بيئة تعليمية تعزز الشمول والمشاركة على قدم المساواة، وتشجيع حملات التوعية، والدورات التدريبية، والمناسبات الثقافية والرياضية، وتمويل البحوث.

وإذا كان لى الحق فى أن أتحدث عن جامعتى الأم «جامعة القاهرة»، فقد كانت لها خبرات متعددة بدأت بإنشاء قاعة طه حسين بكلية الآداب مرورًا بما تقدمه المكتبة المركزية من خدمات للطلاب فاقدى البصر، فكان أن نجحت فى إدماج الطلاب ذوى الإعاقة من خلال اتخاذ عدة خطوات، منها: تقديم الدعم والإعانات للطلاب ذوى الإعاقة، والعمل مع الطلاب لتحديد احتياجاتهم وتوفير الإعانات المناسبة لضمان نجاحهم فى دراستهم الأكاديمية، وتوفير الوصول الجسدى من خلال تركيب المنحدرات ودورات المياه القابلة للوصول والمصاعد، وتوفير مواقف مخصصة للطلاب ذوى الإعاقة، واستثمار التكنولوجيا المساعدة لدعمهم فى دراستهم الأكاديمية، بتوفير قارئات الشاشة وبرامج التعرف على الكلام وغيرها من الأجهزة المساعدة لدعم الطلاب ذوى الإعاقة البصرية أو السمعية، كما وفرت الإعانات الأكاديمية لهم، بما فى ذلك تمديد وقت الامتحانات والمساعدة فى تدوين الملاحظات، كما وفرت الجامعة مواد الدورات التدريبية القابلة للوصول، مثل الكتب الدراسية بصيغ بديلة مثل الصوتية أو البرايل، واتخذت خطوات لرفع الوعى بقضايا الإعاقة وتعزيز ثقافة الاندماج بالحرم الجامعى من خلال تنظيم الفعاليات وورش العمل لتثقيف الطلاب وأعضاء هيئة التدريس حول الإعاقة وتعزيز حقوق الإعاقة والاندماج. كل تلك الجهود ساعدت فى تعزيز إدماج الطلاب ذوى الإعاقة فى جامعة القاهرة، وكان أن استحقت جائزة «الجامعة القابلة للوصول» Accessible University prize من منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) عام 2016، تقديرًا لجهودها فى تعزيز إدماج الطلاب ذوى الإعاقة.

لقد سطرت الدولة إنجازات عديدة تنوعت ما بين مبادرات رئاسية وحكومية مثلت انتصارًا لذوى الإعاقة لدعمهم، والآن جاء دور الجامعة المصرية لتسطر فصلًا آخر من النجاحات من أجلهم.

نُشر المقال في عدد 6887 جريدة المصري اليوم 

لمتابعة أخبار موقع نساعد عبر  google news اضغط هنـــــــــــا ، صفحة موقع نساعد على الفيسبوك اضغط هنـــــــــا  وموقع تويتر اضغط هنــــــــــــــا  

اقرأ أيضًا 

موعد مباراة الأهلي والرجاء بالمغرب دوي أبطال إفريقيا 2023

حالة الطقس الثلاثاء 25 أبريل ودرجات الحرارة المتوقعة

 

 

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى