سلايدرمقالات الرأى

داليا فكري تكتب .. الهلع الجماعي VS اللامبالاة

 

رفض عدد من أهالي قرية لا تستحق ذكر اسمها دفن طبيبة توفيت بعد إصابتها بالفيروس التاجي، وبعد تدخل الشرطة صمت الجميع ودفنت السيدة. دولًا سرقت ماسكات ومطهرات وأجهزة تنفس صناعي تحت ضغط الأزمة. بينما تنظرها شعوب تفقد كل يوم ضحايا باتت متابعة أرقامها تمثل ضغط نفسي وعصبي رهيب.

تَبِعات اقتصادية، ونفسية، واجتماعية، وصحية، وإنسانية، سوف يُخلفها فيروس “كورونا” على كافة أرجاء العالم، ولكن الأكثر إيلامًا هو اضطرابات السلوك الأخلاقي الذي كشفه ظهور هذا الوباء، للأفراد والدول في آن معًا. فمع تفشى كورونا فقدت دولًا الإطار الدولي للتعامل الأخلاقي. وفقد عدد من الأفراد مفاهيم النخوة والشهامة التي تربينا عليها؛ فأصبح الكثيرون أقرب للسقوط في بئر للخوف متفقدين الحد الأدنى للإنسانية. بات جزء من العالم يتبع أنماط سلوكية أنانية سوف تدفع ثمنها الأجيال القادمة.

واجه أجدادنا من قبل وباء الكوليرا، ولكن الآن المرة الأولى التي تتقطع فيها السبل والأوصال بين البشر بعضهم البعض. في المكان الواحد بل والعائلة الواحدة أيضًا، ناهيك عن الدول والقارات مما تسبب في موجة من التناقضات القيمية التي تنتهجها الدول والأفراد فوجدنا دول تعتدي على إمدادات طبية ليست من حقها بدافع الاحتياج وأفراد يرفضون استلام جثث ذويهم بدافع الهلع من العدوى وأخرين يرفضون دفن الجثامين. لم يتعلموا من الغراب الذي بعثه الله يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه، فعجزوا أن يكونوا مثل هذا الغراب.

يقول “هوبز”، عالم الاجتماع الشهير في نظريته “فخ هوبز”، أن الخوف بين البشر يتراكم جرّاء الخوف، فيسعى الخائف إلى الدفاع عن نفسه بالتسلّح مثلًا، فيدفع الآخر الخائف من التسلح إلى مزيد من التسلح، وهكذا دواليك، حتى يصبح الجميع عدو الجميع، وهذا ما ينطبق تمامًا في زمن الوباء.

طالعتنا الأخبار مؤخرًا كيف أصبحت الشكوك والهلع بين أفراد الأسرة الواحدة، والتنمر الذي طال أفراد الطاقم الطبي وكأن الوباء من صنع أجسادهم، تغيرت العلاقة بين الأفراد والعائلات وأصبح الخوف هو المسيطر والشك في كل شيء حولنا كأفلام الخيال العلمي يأكل من أعصابنا.

ثم تأتي اللامبالاة لتصارع الخوف في مشهد غريب نشاهده يوميًا في شوارعنا، وكأن العالم انسلخ لفئتين فئة تخاف على نفسها من العدوى “فَظَلمت” وفئة تلقي بنفسها بين أحضان العدوى “فَظُلمت” وكأن حيواتهم لا تساوي ثمن أدوات الوقاية، وفي كلا المشهدين نبحث بين كومة قش عن “الأخلاق”.

تلك الأزمة سوف تغير الكثير في نفوسنا وسوف نُقيم بها الأشخاص والشعوب والحكام والدول على أساس إنسانيتهم وفقط. وصمودهم وقت الحاجة، وسوف ندفع جميعا ثمن تلك المواقف فهل سننحاز للـ”فخ” كما قال هوبز أم نعيد النظر في أخلاقنا وإنسانيتنا.

اقرأ أيضًا 

كل المعلومات عن كارت الخصم من البريد المصري

الحكومة تعدل قانون الضريبة على الدخل .. تعرف على حد الإعفاء الضريبي

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى