سلايدرمقالات الرأى

رامز عباس يكتب .. فايزة عباس صانعة الأصم الناطق

 

مشاعري متأججة والقلب مفطور وحزين، والعين باكية، من فقدتها صباح يوم الأربعاء 30 من أغسطس 2020

روح صاعدة للسماء

كانت أمي وصديقتي وحبيبتي وأختي والعمة والخالة

لعبت كل تلك الأدوار بمهارة المحب واحتراف العاشق

كانت أمي منذ عام 1985، عندما ماتت أمي بعد ولادتي مصابة بالسرطان، فاحتضنتني يتيمًا لا يُدرك من العالم شيئًا، عمره شهران! أحبتني ورعتني ورفضت أن يأخذني أبي لتربيني زوجته الجديدة.

وكانت صديقتي وما زالت منذ أن اكتشفت في المرحلة الابتدائية ضعف سمعي بسبب اقترابي من تليفزيونها القديم الأبيض وأسود، وتعلية الصوت، فظلت صابرة تذهب بي إلى مستشفيات التأمين الصحي في المحلة وطنطا والقاهرة وحدها، حتى ارتديت السماعة.

وكانت حبيبتي كلما شعرت برفض الفتيات لي عندما أحاول الارتباط بسبب فقداني حاسة السمع، تهوِّن عليّ قائلة: سيبك منهم أنا حبيبتك، حتى سلّمتني لمحبوبتي وزوجتي وأم ابنتي سارة، السيدة بسمة شعيشع، وأحبَّتها وأوصتها بي خيرًا منذ عام 2017 وحتى وفاتها صباح 30 من أغسطس 2020.

وكانت أختي شديدة الاحتواء كلما سمعت بأن أحدهم قد عاملني بقسوة أو تنمر.

وكانت عمتي، وسأظل فخورًا أنها اختارت أن تربيني وتصنع من اللا شيء إنجازًا عظيمًا.

وكانت خالتي، لأنني وعيت على عالم أسرة أبي وأخواته البنات، أما أهل أمي فبعد وفاتها قطعوا الصلات معنا، فما كان مني سوى مناداة كل عمّاتي مرتين بعمتي وخالتي.

رحلت ولم تودّعني ولكنني استطعت انتزاع أكثر ابتساماتها في عز معاناتها مع الاحتضار الذي توهمّته غيبوبتها.

رحلت تاركة زوجًا تعدّى الـ 80 عامًا من العمر و4 أبناء.

سيدتين ورجلين وأنا و14 حفيدًا.

أقربهم لي الأخ الأكبر الذي قال لي يواسيني وأنا أعزيه في الليلة الثانية لدخول أمي القبر:

“أنت ابني الحبيب” فهو يعلم مدى ارتباط قلبي بأمي.

ويحبني بنفس قدر محبتها، ولعل في ذلك بعض العزاء.

رحلت أمي تاركة الأصم الناطق رامز عباس، رحلت من كانت تشجعنا على الدفاع عن قضية الإعاقة في مصر

محررًا بموقع نساعد المتخصص لذوي الاحتياجات الخاصة الأول عربياً

وموظفًا بإدارة الإعلام بالمجلس القومي للأشخاص ذوي الإعاقة التابع لمجلس الوزراء

زوجًا وأبًا ناشطًا وفعالًا في المجتمع يعرفه كثيرون

ويفتخرون بمحاولاته الدؤوب للتغيير

كان يمكن أن يكون مجرد أصم لديه أميّة تعزله عن المجتمع

ولكنها دعمته بكل قوة

أراد الصحافة، فساعدته وشجعته على السفر والتواصل

أراد استكمال تعليمه، فتحملت مصروفات الجامعة المفتوحة

أراد طريق السياسة والثورة، ورغم خوفها كان في صفوف الثائرين بميدان الشون بالمحلة الكبرى.

رغباتي كانت تتحقق بكل حب

إنها ليست فقط أمي بل رفيقة نضال وكفاح مستمر، وبوفاتها أسال الله أن يلهمني الاستمرار لأروي قصتها.

فهي صانعة نجاحي وسبب لبروزي

كل ما أطلبه من أصدقائي صدق الدعاء لها بالرحمة والمغفرة والفوز بالجنة والنجاة.

فايزة عباس
فايزة عباس

اقرأ أيضًا 

خطوات التسجيل في بوابة مصر الرقمية والرابط وأهم الخدمات

إعفاء ذوي الإعاقة من تراخيص المباني والضرائب والرسوم

نوادي القوات المسلحة تعفي ذوي الاحتياجات الخاصة من رسوم الدخول (مستند)

تعريف الإعاقة والكشف الطبي لذوي الهمم بالقوات المسلحة وأرقام التواصل

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يغفر لها ويرحمها ويتجاوز عن سيئاتها ويسكنها فسيح چناته ..ويؤنس وحشتها ويلهم اهلها جميعا الصبر والسلوان

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى