رامز عباس يكتب .. هل يمكن أن نمنح أنفسنا أذن موسيقية؟
منذ وعينا نطلب باللين تارة، والخطاب العنيف تارة، من أبنائنا ألا يقتربون من تابوهات ثلاث غير خاضعة للنقاش ولا التداول حتى كبروا، فلتفوا عليها التفاف الغاضب المغتصب.
لما لا والمنع من جانبنا لم يحترم عقولهم.
فالدين ممنوع من تجديد الاجتهاد فيه، وتحول لطقوس ومراسم شديدة التعقيد دون النظر للعصر الحديث ومتطلباته.
والجنس أصبح مواد سرية شديدة الخطورة تتداول فتجلب اللعنة والخجل فلا مجال للوعي الجنسي بالمدارس، ولكن هناك مجال للتحرش والاعتداء الجنسي.
والسياسة أصبحت مرتعًا لأنصاف المتعلمين بل ومن لا يقرأون ولا يكتبون ومطلوب منهم أن يقودوننا إلى الأمام، فقادونا لاستاد القاهرة حيث يقف حسن شاكوش ولا أدري ما عيب اسم أبيه حتى لا يذكره فلا أظن والده يسمي شاكوشًا لنسمعه يرثي أحواله مع بنت الجيران مهددًا إن تركته بتناول الخمور والحشيش.
أزمة طاحنة مستمرة يعيش فيها المجتمع المصري بين المرغوب والممنوع، بين الإقصاء ونسب تافهة للمشاركة، لا تساعده على التغيير أو التقدم.
أزمة بين الدين بأهواء العمائم مع مصالح الساسة، مع عالم منحرف يدعوه ليلًا لفعل ما هو مخالف لفطرته وأخلاقيات يسمو إليها ليكون إنسانًا .
آزمة لا يلتفت لها أحد، فلا تم بناء الإنسان المصري ولا تعليمه بصوره صحيحة، ولا تربيته بشكل يدفعه للتركيز فيما يحسن صوره وطنه ويقدم لمن خلفه من أجيال قدوة تشرف وتاريخ يمكن تقديره
حسن شاكوش وعمر كمال وآخرون صنعتهم “السوشيال ميديا” كبديل للأفق المسدود في المجال الفني.
فلا فرصه لاكتشاف المواهب، ولا دعم لمن يقدم رسالة ولا تشجيع للذوق الرفيع .
هم ضحايا يجب علينا إخضاعهم برفق لما يسمي بتنقيه الذوق العام للشعب المصري .
لابد وأن تتاح لهم فرصة غناء كلمات من أشعار تامر حسين، وأيمن بهجت قمر، وأسامة الشاعر، وعلاء المصري، وآخرون ممّن لديهم ثقافة وإدراك يمكننا أن نحاسبهم كمؤلفين لو أخفقوا.
فمثلًا حينما يكتبون للهضبة والكنج فعليهم منح الفرص للشباب للتعبير واكتشاف مواهبهم في أطر وحدود صغيرة بدلًا من براح السوشيال ميديا الذي يعطي الفرص لكل الناس، بلا رقابة أو توجيه.
فصنع لنا فوضي سمعية
ثم إن القاريء لا يستخدم حاسته الفنية لأنه لم يتدرب عليها، لأنه أيضًا ضحية وضع اقتصادي يسمح له بحضور حفل حسن شاكوش ولا يسمح له باللحاق بحفلات عمرو دياب الباهظة وكأنه مطرب طبقة غير طبقتهم.
وتلك أزمة أخرى سببتها التابوهات المغلقة، فلا أصلحت من المجتمع ولا ساهمت في رفاهيته ولا حاولت تربيته بشكل يحمي أساسات تماسكه.
إذن فنحن أمام حل لا يصلح معه منع نقيب الموسيقيين للمهرجانات ولا تصدر الدولة له، وربما يمكن الحل في منح الدعم الكامل لوزارة الثقافة بإعادة فتح الباب أمام كل المواهب الغنائية والاستعراضية والتمثيلية للعرض ضمن قنواتها ومسارحها بشرط أن تتولي هي الكتابة والإخراج وتقديم التدريب اللازم لهؤلاء الشباب فيصبح لدينا فن حقيقي. ويعود الذوق العام نقيًا هادئًا.
اقرأ أيضًا
مي شبانة تكتب .. البطل الحقيقي في حياة ذوي الاحتياجات الخاصة
د. إبراهيم مجدي حسين يكتب … الدعم الأسري و التأخر في القدرات العقلية