سلايدرمقالات الرأى

رضا عبد السلام يكتب .. كن كَيِّسًا لا عاجزًا

 

نعم التمني هو فعل العاجزين الواقفين محلهم ليس للحركة إليهم سبيل

التمني الوقوف والتحرك في المكان دون التقدم للإمام

التمني السكون القريب من الموت حتي ولو تحركت الجوارح

القوي لايتمني بل يعمل ويتحرك وينتج ويتقدم ويؤسس ويبني ينايات نفسه العظيمة

القوي نفسا وروحا وقلبا وعقلا هو من يقوم بنفسه ومن تقوم به الحياة

وقفت عند حديث للنبي صلي الله عليه وسلم قال فيه

” الكَيِّس مَنْ دَانَ نَفْسَهُ، وَعَمِلَ لِما بَعْدَ الْموْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَه هَواهَا، وتمَنَّى عَلَى اللَّهِ ”

ففي الشطر الأول من الحديث يتحدث عن القوي الذي عبر عنه النبي صلي الله عليه وسلم بالكيس صاحب العقل ومالك الرشد ومنتج المواقف يتحدث عن قوي النفس وجميل الروح وواثق القدرة

من يعرف ذاته ويقرؤها قراءة جيدة

لكل هذا فهو يعمل بإخلاص وجد ومثابرة ويعلم يقينا أن الله أبدا لايضيع أجر من أحسن عملا بل يمهد له الطريق ويفتح له الأبواب التي لطالما طرقها وألح في طرقها

ومن داوم طرق الأبواب مؤمنا بربه وبنفسه يوما ما ستفتح له الأقدار

وفي الشطر الثاني من الحديث يتحدث النبي صلي الله عليه وسلم عن الخامل الهمل الضعيف الواهن المستسلم بضعة وسكون وموت حتي ولو تحركت منه الجوارح يتحدث عن العاجز الحقيقي الذي يتكلم كثيرا ولايعمل الذي يبني قصورا في الهواء وفي خياله يبنيها ويهدمها في نفس اللحظة

لماذا ؟

لأنه أتبع نفسه هواها وهوي النفس دائما السكون والخمول والقعود

والتمني صورة من صور العجز الإنساني الذي لافائدة منه تعود علي صاحيه وعلي المجتمع لذا كان هذا الوصف في الحديث النبوي الشريف ” العاجز ”

فالعاجز إذا ليس من فقد عضوا من أعضائه أو حاسة من حواسه بل هو الذي لبس التمني ثيابا ولم يتحرك وأشرب الهمل مقصدا ولم ينتج واتخذ من القعود وسيلة للموت وهو حي

ولو تصفحنا صفحات تاريخنا القديم والحديث لوجدنا صورا لاتحصي من العاجزين الذين عاشوا وماتوا بلا ذكري يذكرون بها فلاعمل ولاإنتاج ولاإبداع

وأيضا سنري شخصيات يراها بعض من ليس لهم فكر ولا نظر عاجزين وهم في الحقيقة يعلمون الإرادة كيف تكون واقعا والنجاح كيف يكون سبيلا واحترام الذات كيف يكون منهجا والإيمان بالله وبالنفس كيف يكون طريقا

وسأنهي بواحد من هؤلاء الكبار نفسا وروحا وعقلا وقلبا هذا الأعمي الذي علم المبصرين وأصبح علامة عصره وزمانه أبو العلاء المعري الذي قال في  إحدي لزومياته الرائعة

خُلِقَ النّاسُ للبَقَاءِ فضَلّتْ         أُمّةٌ يَحْسَبُونَهُمْ للنّفادِ

إنّما يُنْقَلُونَ مِنْ دارِ أعْما          لٍ إلى دارِ شِقْوَةٍ أو رَشَادِ

فتحية لهذا الذي ذهبت عيناه وبقي قلبه وعقله ونفسه وروحه

 

 رضا عبد السلام كبير مذيعي إذاعة القرآن الكريم 

اقرأ أيضًا 

الدكتورة مها جعفر .. التنظيف أم التطهير

محمد علي خير يكتب .. على مكتب الرئيس

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى