ماذا تعرف عن حقوق ذوى الإعاقة في التعليم الجامع؟ .. اليونسكو تجيب
كتبت ــ غادة سويلم
تتّبع اليونسكو نهجًا قائمًا على حقوق الإنسان في مجال التعليم الجامع، مستندة في ذلك إلى العديد من المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان. وخاصة فيما يخص ذوي الإعاقة لتحقيق لشراكة العالمية من أجل الأطفال المعوقين من خلال مساعدة الدول الأعضاء على تطبيق أحكام المادة 24 من اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي تكرس حق هؤلاء الأشخاص في التعليم.
أشار التقرير الذي تم نشره عبر الموقع الإلكتروني لمنظمة اليونسكو، طلب مجلس حقوق الإنسان في قراره 22/3 إلى مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إعداد دراسة عن حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم، بالتشاور مع الدول وغيرها من الجهات مثل اليونيسيف، ومنظمات المجتمع المدني بما فيها منظمات الاشخاص ذوي الإعاقات المختلفة. وتلقت مفوضية حقوق الإنسان ردودا من 39 دولة و12 مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان و31 منظمة من المجتمع المدني وجهات أخرى من المهتمين بحقوق ذوي الإعاقة. والتي تم نشرها عبر الموقع الإلكتروني لمنظمة اليونسكو، كان أهمها “الحق في التعليم الجامع بوصفه حقًا من حقوق الإنسان”
ركز بند الحق في التعليم الجامع، في الإدماج بوصفه مبدأ أساسيًا من مبادىء التعليم، والذي ينطبق على جميع الأشخاص، بمن فيهم ذوي الاحتياجات الخاصة. وقد اعتُرف بالتعليم الجامع بوصفه أنسب طريقة تضمن بها الدول الحق في تعليم جامع ومن دون تمييز – وفقا للملاحظات الختامية للجنة المعنية بحقوق الاشخاص أصحاب الهمم. وتعترف اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة بوجوب وضع نظم تعليمية جامعة حتى يتسنى لذوي الإعاقة ممارسة هذا الحق، وبالتالي فإن الحق في التعليم هو حق في التعليم الجامع.
وأفضل وسيلة لتعلم كيفية الإدماج، يكون من خلال نقل التلاميذ ذوي الإعاقة إلى مدارس عادية لتعزيز الفهم بأن النظم التعليمية الجامعة تحتاج إلى أن تكون جزءا رئيسيًا من خطة التحول بل ينبغي لها ذلك. وقد نفذت بلجيكا وجورجيا بشكل تدريجي برامج لنقل التلاميذ ذوي الإعاقة إلى التعليم العام.
ويوضح التقرير أن الأنظمة المدرسية اعتمدت على نهجًا واحدًا من المناهج المختلفة الثلاثة للأشخاص ذوي الإعاقة وهي: الاستبعاد والفصل والإدماج. مشيرًا إلى أن الاستبعاد يقع عندما يُحال بين التلميذ والمدرسة لوجود إعاقة، دون إتاحة فرصة تعليم أخرى على قدم المساواة مع التلاميذ الآخرين. ومن خلال هذا النهج، يُمنع التلميذ من ذوي الإعاقة من الانضمام إلى النظام التعليمي، لأسباب تتعلق بالسن أو النمو أو التشخيص فيودع في بيئة للرعاية الاجتماعية أو الرعاية الصحية دون نيل حظه من التعليم.
وأما الفصل فيحدث عندما يُرسَل هذا التلميذ إلى مدرسة أُعدت لمعالجة إعاقة معينة، وعادة ما يكون ذلك في إطار نظام مدرسي للتعليم المخصوص. وأخيرًا، يحصل الإدماج عندما يوضع تلميذ ذو إعاقة في مدرسة عامة، طالما أنه قادر على التكيف مع المدرسة بشروطها النموذجية. ولا يركز نهج الإدماج إلا على تعزيز قدرة التلميذ على امتثال المعايير المعمول بها.
وقد يعتمد في بعض البلاد على نهج الاستبعاد والفصل والإدماج على أساس وجود إعاقة والتي يكون لها التأثير السلبي على ذوي الإعاقة. فبرز نهج التعليم الجامع كرد على هذه النُهج التمييزية. ووفقاً لما جاء في بيان وإطار عمل ما عُرف بـ ” بيان سلامنكا” للاحتياجات التربوية الخاصة، والذى اقر “بضرورة العمل في سبيل التوصل إلى “مدارس للجميع” – أي المدارس التي تضم جميع التلاميذ وترحب بما بينهم من فروق وتساند تعلمهم وتستجيب لاحتياجاتهم الفردية”. وعلى أساس بيان سلامنكا، تكون نظم التعليم الجامع في المدارس التي ترفع شعار “تربية محورها الطفل وقادرة على النجاح في تعليم جميع الأطفال، بمن فيهم أولئك الذين يعانون من أوجه قصور أو عجز خطيرة”.
ويدعو البيان أيضًا إلى إحداث تغيير في المنظور الاجتماعي. من مبدأ “الحق في التعليم مكفول لجميع أطفال وشباب العالم، بما لهم من مواطن قوة ومكامن ضعف فردية، وآمال وتوقعات. وبالتالي، فإن النظام المدرسي للبلد هو الذي يجب تعديله لتلبية احتياجات جميع الأطفال”.
توضح منظمة اليونسكو الاهمية الاجتماعية للتعليم الجامع، باعتباره أساس متين تقوم عليه مكافحة التنمر والتمييز. إلى جانب أن، بيئة التعلم المختلطة الشاملة لذوي الإعاقة تمكنِ من تقدير مساهماتهم، ويعزز التعليم الجامع أيضًا التعليم الجيد للجميع باقتراح مناهج دراسية أوسع واستراتيجيات تعليمية تسهم في التطوير الشامل للقدرات والمهارات. وهذه العلاقة القائمة بين التعلم والتطوير، تفتح آفاق جديدة لتحقيق الأهداف واحترام الذات، وتمكين الأفراد من بناء مجتمع قائم على الاحترام المتبادل والحقوق.
ويترتب عن الحق في التعليم، كما هو منصوص عليه في المادة 13 قانون الأمم المتحدة فيما يتعلق بالمادة المذكورة، مجانية التعليم الابتدائي للجميع وإلزاميته، وإتاحة التعليم الثانوي، بما في ذلك التعليم التقني والمهني، والتعليم العالي للجميع بالأخذ تدريجياً بمجانية التعليم، وتشجيع التعليم الأساسي للكبار الذين لم يتلقوا تعليمهم الابتدائي أو لم يكملوه، وتطوير النظام المدرسي، وإنشاء نظام منح، وبرامج لمواصلة تحسين ظروف عمل المدرسين.
ودافعت لجنة حقوق الطفل عن الحق في التعليم الجامع بأن جعلت من مبادئها الأساسية دمجَ الأطفال ذوي الإعاقة في المجتمع (وفي التعليم) إلى أقصى حد، وضمانَ حقهم في التعليم من دون أي تمييز، وعلى أساس تكافؤ الفرص.
فالفقرة 3 من المادة 24، تركز على تكافؤ فرص الأشخاص ذوي الإعاقة مع مراعاة خاصة لاحتياجات الأشخاص المشتركين في نوع الإعاقة. وتلزم هذه الفقرة الدول الأطراف بتمكين ذوي الإعاقة من اكتساب مهارات حياتية ومهارات في مجال التنمية الاجتماعية لتيسير مشاركتهم في التعليم وفي مجتمعاتهم مشاركة كاملة فعالة. الى جانب تيسير تعلم طريقة برايل، ولغة الإشارة، ووسائل الاتصال وأشكاله الأخرى، وأيضا مهارات التوجيه والتنقل.
وفي حالة فئة الصم، يتعين تعزيز الهوية اللغوية. والقصد من هذا الحكم الحرص على عدم استبعاد الأشخاص الذين يواجهون عقبات في الاتصال من النظام التعليمي العام وعلى تلقيهم التعليم بما يناسب من لغات وطرق ووسائل للاتصال في بيئة تسمح بتحقيق أقصى قدر من النمو، لا على الصعيد الأكاديمي فحسب بل على الصعيد الاجتماعي أيضا.
وفي الفقرة 4 من المادة 24، أشارت المادة إلى ضرورة توظيف مدرسين مؤهلين في لغة الإشارة و برايل إذا أُريد للنظام التعليمي العام أن يكون جامعاً. وعلاوة على ذلك، يجب تدريب الأخصائيين والموظفين العاملين في جميع مستويات التعليم على التوعية بالإعاقة واستعمال ما يناسب من اتصال وتقنيات ومواد تعليمية.
وتشير الفقرة 5 من المادة 24 إلى حصول الأشخاص ذوي الإعاقة على التعليم العالي العالم والتدريب المهني وتعليم الكبار والتعليم مدى الحياة. وفيها تأكيد جديد لحق ذوي الإعاقة في الحصول على هذه الفرص دون تمييز وعلى قدم المساواة مع الآخرين.
وبالتالي يجب على النظم التعليمية أن تنص على المساواة الموضوعية المرتبطة بالنتائج. ويتعين ضمان الإنصاف في سبل الوصول، وفي أثناء العملية ولدى النتائج.
وللتصدي للعقبات الاجتماعية – الاقتصادية التي تقف حائل لتحقيق نظام التعليم الجامع، للدول أن تقدم مساعدة أو حوافز مالية إلى التلاميذ ذوي الإعاقة. ومن المهم ملاحظة أن مجانية التعليم الابتدائي للجميع تعني ضمنيًا أن تدابير إمكانية الوصول ينبغي أيضا أن تكون مجانية. وقانون التعليم الأساسي الفنلندي مثال جيد في هذا الشأن، إذ ينص على أن للتلميذ ذي الإعاقة حقًا إضافيًا في مجانية خدمات الترجمة الشفوية والمساعدة من أجل المشاركة في مجال التعليم.
انتهى التقرير إلى الإشارة بأن النظام التعليمي الجامع لا يعني تعليما متدني الجودة، على العكس من ذلك، إقامة تعليم جيد هو جوهر التدابير الموصى بها. والتعليم الجيد مرتبط بمفهوم القبول والدمج، وقد أوصت اليونسكو بخمسة أبعاد من أجل مواصلة المضي نحو تحقيق هذا الهدف وهي: احترام الحقوق، والإنصاف، والصلة، والوجاهة، والكفاءة والفعالية.
اقرأ أيضًا
مايغلاش عليك .. رابط الموقع وأسعار المنتجات وكيفية الاستفادة من المبادرة
السيسي عن مفاوضات سد النهضة: الأسد محدش بيأكل أكله .. ومش كلام
القباج: وزارة التضامن تولي ذوي الإعاقة اهتمامًا كبيرًا ونتوقع حدوث نقلة على أرض الواقع