سلايدرمقالات الرأى

دينا شرف الدين تكتب .. ذوي الهمم مبدعون من نوع خاص

بداية أود أن أعترف بتقصيري الكبير و من مثلي فيما يخص معرفتي بذوي الهمم و قدراتهم التي قد فاقت حدود مخيلتي و عزيمتهم الصلبة التي تقهر الصعوبات و تذلل العقبات و تهون من روع المعاناة التي يعيشونها و ذويهم ،
فقط كانت معرفتي بهم معرفة سطحية تخلو من التفاصيل و التعمق بهذا القطاع الكبير الذي قد اصطفي الله عز و جل أصحابه بمواهب و قدرات لم يحظ بها الكثيرين ممن يظنون أنهم بكامل صحتهم .

و منذ عامين قد كان لقائي الأول الذي أسعدني به الحظ لأقضي يوماً كاملاً مع بعض الأمهات المكرمات بيوم تكريم المرأة المصرية تحت رعاية السيدة إنتصار السيسي حرم رئيس الجمهورية، لأري و أسمع ما لم أن أتوقعه من قصص معاناة أمهات لأبناء و بنات من ذوي القدرات الخاصة الذين لم نكن نعلم شيئاً من قبل عن حجم معاناتهم و قسوة إقصائهم و تهميشهم بالمجتمع الذي لا يرحم ،

فهناك ١٥ مليون أسرة مصرية قد اصطفاها الله ليبتليها بهذا الإختبار الصعب لم نكن نعلم عنهم أي شئ و لم يكن هناك أي اهتمام بهم و لا بذويهم ، إلي أن أزاح سيادة الرئيس عنهم الستار و أولاهم هذا القدر الكبير من الإهتمام و الدعم و الدمج بالمجتمع في كافة مراحل التعليم و الوظائف الحيوية بالدولة .

و قد التقيت بعدد من تلك الأسر التي تحدت المحنة لتجعل منها منحة و مدعاة للفخر و نجاح للتحدي و قهر للمستحيل ،

فعلي سبيل المثال :
إبراهيم الخولي ، أول معيد بكلية الإعلام من مرضي متلازمة داون

عبد الرحمن ، الحاصل علي عدة بطولات و ميداليات بالسباحة من مرضي متلازمة داون أيضاً

“جون ”
، أول خريج جامعة أصم من كلية التربية النوعية ، فنان من طراز خاص،و حاصل علي دبلومة في الجرافيك، و الذي حكت لي والدته عن حياتها التي تبدلت بين ليلة و ضحاها حين اكتشفت هي ووالده الطبيب أن ابنهما الثاني أصم ، تلك السيدة التي تعلمت لغة الإشارة و حاربت من أجل أن يسمح لابنها و من مثلة من ذوي إعاقةالصمم بدخول الجامعة وقد نجحت بالفعل .

و في لفتة إنسانية عظيمة ، تم الوصول لكل هؤلاء الأمهات المناضلات اللاتي سجلن بطولات و حققن نجاحات في إخراج نماذج ناجحة مشرفة رغم الإعاقة و رغم ضغط و قسوة و ازدراء المجتمع الذي لا يرحم ، و تم تكريمهن بيوم المرأة المصرية و هن بحق أهل لهذا التكريم .

أخيراً و ليس آخراً :
” أبطال عرض الجمهورية الجديدة”
و بمصادفة جديدة قد التقيت بمجموعة من المبدعين من ذوي الهمم أثناء استضافتي بإحدي ندوات معرض الشيخ زايد للكتاب ، و كان من ضمن الحضور مجموعة تنتمي لمبادرة كريمة أسستها سيدة فاضلة تهتم بذوي القدرات الخاصة و تقدر جيداً حجم مواهبهم إلي جانب معاناتهم ،الدكتورة ( سحر الحسيني) و قد تفاجأت بأن هؤلاء المتفردين يعملون علي الإنتهاء من بروفات عرض مسرحي بالمشاركة مع بعض الأصحاء بعنوان ( الجمهورية الجديدة)، من تأليف الفنان المبدع الأصم الناطق كما يطلقون عليه و يطلق هو علي نفسه ، الأستاذ
( رامز عباس)، و بالفعل تمت دعوتي لحضور بروفة العرض ، و قد كانت المفاجأة التي أذهلتني و أبهرتني ،
فقد شاهدت مواهب غنائية و تمثيلية و استعراضية لم أكن أتوقعها بعرض مسرحي متكامل الأركان الفنية و الإبداعية للمرة الأولي علي مستوي مصر و العالم العربي ، كتجسيد حقيقي لعملية الدمج بين الأصحاء و ذوي الهمم .

و لكن :
ما زال المجتمع بعد هذا الدمج الرسمي الذي حققته القيادة السياسية يأبي أن يتقبل هؤلاء الذين لا ذنب لهم أن خلقهم الله بنقيصة ما و لا ذنب لأسرهم أن تتحمل ما لا طاقة لهم به ،
فلم يكتف ذوي القلوب الغليظة بحمد الله أن نجاهم من هذا الإبتلاء الذي اصطفي به بعض عباده ، لكنهم صدروا القسوة و الإزدراء و الإقصاء المجتمعي لهؤلاء الأبرياء

فقد استمعت إلي قصص تقشعر لها الأبدان من أمهات هؤلاء الأبناء المتميزين الناجحين رغم التحدي ، فقد كان العبئ النفسي أضعافاً مضاعفة نتيجة النظرة الخالية من الإنسانية التي ينظرها الناس لهم و لأبنائهم ، بدلاً من تقديم الدعم و المساندة و لو بالكلمة الطيبة التي لم تكن لتكلفهم الكثير .

نهاية :
بني وطني : رفقاً بهؤلاء الذين قدر لهم الله ما هم عليه ، و رفقاً بأسرهم ،
ألم يكفيهم ما يتجرعونه من مرارة الألم و ما يبذلونه من جهد مضاعف نفسياً و مادياً ، لتكونوا انتم مزيداً من العبئ بدلاً من أن تكونوا بهم رحماء؟

ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء

لمتابعة أخبار موقع نساعد عبر  google news اضغط هنـــــــــــا ، صفحة موقع نساعد على الفيسبوك اضغط هنـــــــــا  وموقع تويتر اضغط هنــــــــــــــا  

اقرأ أيضًا 

إبراهيم عبد المجيد يكتب .. نور الحياة وكيف نزيدهم نورا 

سالي الملا تكتب .. ثمار العطاء

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى