مقالات الرأى

سلمان إسماعيل يكتب .. مش تنمية بشرية

 

ليس في الوقت متسع لتضيعه في مقارنة جسدك بالآخرين، يا صديقي إن التفكير فيما عند الناس أمر مزعج، فحسبك نفسك، وإن أردت المقارنة فاحسب مقدار اطلاعك وكم كتابًا تقرأ، وحاسب نفسك كيف يمر يومك؟ وما الإضافة التي تقدمها للإنسانية، وتذكر جيدًا، العالم ليس مكانًا للجبناء، هؤلاء يا صديقي يعيشون في أحضان أمهاتهم إلى أن يذهبن، وبعدها تتلقفهم قسوة الحياة ومرارة الأيام.

الحياة طريق إما أن تشقه أو أنه لن يتردد في فعل الأمر ذاته معك، ربما هو مثل دارج، أو أنك تقرأه الآن بينما تضحك أو تقهقه أو ممتعضًا ولا يعجبك أسلوبي، لا عليكِ، اذهب إلى –دريم بارك- لا يهمني ما تعتقد أنت بشأني لم آت إلى الدنيا لأخطف قلبك أو أكون محورًا لاهتمامك، فقط أهمس في أذنك ناصحًا، وإن لم تسمع سأرفع صوتي، والنصيحة على الملأ فضيحة كما تعرف.

طوال حياتي ظننت أنني مميزًا عن البقية، منذ اليوم الأول الذي وعيت فيه على نفسي أستخدم عكازين للمشي وهذا الظن الذي قد تعتبره نرجسية يلازمني، لا تسألني عن مرحلة ما قبل التصالح مع الذات وتقبل نفسي كما أنا فإنها صعبة، ولا بد أن تمر بها، خاصة إذا ولدت في قرية امتاز أطفالها بالتنمر، يمارسونه كما يتنفسون، تكيفت معهم وصرت أتنمر على أتخن واحد فيهم، أعرف أنه سلوك عدواني، لكني أحدثك عن مرحلة ما قبل التصالح مع الإعاقة، مع العجز، مع القدرات أو الاحتياجات الخاصة، أيًا كانت التسمية التي تفضلها، -بلها واشرب ميتها على أي حال- فقد تجاوزت الأمر.

أنا مميز، هكذا قلت لنفسي وظللت أردد هذه الأباطيل حتى صارت مع التكرار حقيقة راسخة بداخلي، وأنت تعلم يا صديقي أن التكرار -بيعلم الشطار-، كان الأطفال في المدرسة الابتدائية يمشون على قدمين، بينما أمشي أنا على أربع، نعم على أربع ولكن ليس كالأنعام، في أعلى قمة في جسد ذلك الطفل النحيل الذي كنت عليه، كان هناك عقلًا يردد على الدوام أنا مميز، لهذا اجتزت ما يشغلني عن تحصيل المعرفة والسعي بخطى محددة نحو عدة أهداف في هذه الحياة القاسية، أعترف أنها لم تكن ثابتة خاصة حين تنتهي صلاحية العكاز.. اضحك وواجه الحياة بعكاز جديد أو عصا بيضاء أو قوقعة أو كرسي متحرك، وتذكر جيدًا أنك إن لم تتعلم دفع عجلات ذلك الكرسي فإنه لن يتحرك من تلقاء نفسه.

مقالات ذات صلة

ما تعليقك على هذا الموضوع ؟ ضعه هنا

زر الذهاب إلى الأعلى